تناولت الصحف يوم الأحد 13 فبراير/ شباط الجاري تصريحات الشيخ عبدالحسين محمد صالح العريبي بشأن الأسباب التي دفعته إلى الاستقالة من عمله وفي هذا الشأن فإن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء يهمها أن توضح في ايجاز الأمور الآتية: أولا: عين فضيلته قاضيا بمحكمة الاستئناف العليا الشرعية "الدائرة الجعفرية" بموجب المرسوم رقم 42 لسنة 2001 بتاريخ 3 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2001 ثم عين رئيسا لمحكمة الاستئناف العليا الشرعية "الدائرة الجعفرية" بموجب الأمر الملكي رقم 4 لسنة 2004 بتاريخ 10 مارس/ آذار الماضي وقد كان بهذه الصفة عضوا في المجلس الأعلى للقضاء عملا بحكم المادة 69 من المرسوم بقانون رقم 42 لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية وحتى تقدم باستقالته بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ومن ثم فإن عضويته في المجلس الأعلى للقضاء التي استمرت سبعة أشهر - تخللتها العطلة القضائية - غير كافية لتصل به إلى درجة اليأس كما قال من تحقيق الاصلاحات القضائية التي زعم أنه نادى بها ولا تنهض سببا معقولا لتقديم الاستقالة.
ثانيا: بالنسبة إلى ما ورد في تصريحاته من أنه قد طلب منه عدم الادلاء بأية تصريحات صحافية فإن الثابت استقرار المجلس الأعلى للقضاء في مملكة البحرين وفي الكثير من الدول على منع رجال القضاء من الإدلاء بأحاديث أو تصريحات لمختلف وسائل الاعلام إلا بعد الرجوع للمجلس الأعلى للقضاء، ولا يخفى على أحد أن الهدف من ذلك ليس الحجر على حرية القضاة بل المقصود الحرص على كرامة وهيبة القضاء ورجاله بسبب طبيعة المهنة الجليلة التي يباشرونها والتي تحتم من ناحية تفرغ القاضي الكامل لأداء عمله فضلا عن البعد عن أية تصريحات قد تمثل اساءة لأحد أو تصطبغ بصبغة سياسية وهو ما يفتح المجال للرد عليه ثم الرد المقابل من جانب القاضي وهكذا مما ينال من قداسة المهنة الملقاة على عاتقه وخصوصا أن قانون السلطة القضائية - ولذات الحكمة - حرمهم من بعض الحقوق التي يتمتع بها غيرهم من المواطنين كالحق في الاشتغال بالعمل السياسي وابداء الرأي في المسائل السياسية والترشح للانتخابات العامة وعلى نحو ما ورد في المادة 30 من القانون المذكور، وان تنبيه نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء له كان لسبب أنه عمل منفردا في المحكمة التي يترأسها اثناء العطلة القضائية الماضية حال ابتعاث باقي اعضاء تلك المحكمة في دورة تدريبية في جمهورية مصر العربية، ولم يكتف بذلك بل نشره صراحة في صحيفة "الوسط" في عددها رقم 755 بتاريخ 30 سبتمبر/ أيلول 2004 صفحة 7 كما أن التنبيه كان لأسباب أخرى لا مجال لذكرها على صفحات الصحف وهل يصدق عاقل أن التنبيه كان بسبب أن فضيلته تقدم بمقترحات اصلاحية؟!
ثالثا: إن ابداء القاضي رأيه بشأن الأمور المتعلقة بعمله أو عمل القضاة على وجه العموم وما يراه للنهوض بأداء الهيئة القضائية أمر مكفول له من خلال المجلس الأعلى للقضاء والذي يتشرف برئاسة جلالة الملك المفدى له علما بأن الشيخ عبدالحسين العريبي كان عضوا في هذا المجلس وعلى نحو ما سبق بيانه، فضلا عن أن رفع مستوى أداء القضاة وحل جميع المشكلات التي تعترض أداء عمل الهيئة القضائية وبحث وحل جميع المشكلات التي يواجهها المتقاضون وطلب اجراء التعديلات التشريعية اللازمة في هذا المجال عن طريق القنوات الشرعية المختصة، أمر مطلوب شأن ما هو مطلوب في هذا المجال من جميع مرافق المملكة، والمجلس الأعلى للقضاء أشد حرصا على تحقيقه إلا أن انجاز ذلك لا يتحقق بين يوم وليل بل يحتاج إلى بعض الوقت وبمراعاة الانجاز بأسرع ما يمكن.
رابعا: بالنسبة إلى ما ورد في التصرحيات المذكورة من "تعجبه لتدني مستوى الثقافة الاسلامية والحقوقية والزوجية لدى المرأة البحرينية فضلا عن الثقافة الهابطة التي يتسم بها الرجال... وأن القائمة الثانية التي يرتكز عليها القضاء الشرعي هي القضاة الأقوياء في ذمتهم وعلمهم وتقواهم... وهو ما يفتقر إليه القضاة" فإن هذه العبارات وفيما يخص القضاء بوصفه رجال القضاء الشرعي بافتقارهم القوة في دينهم وعلمهم وتقواهم هو أمر مرفوض شكلا وموضوعا وغير مقبول التصريح به من أي كائن كان لما فيه من مساس بالهيئة القضائية عموما وبرجال القضاء الشرعي خصوصا وهي عبارات تعطي الحق لمن مسته في اتخاذ الاجراءات القانونية كافة التي يراها مناسبة حفاظا على احترام وهيبة القضاء ورجاله ومنعا للمساس بالقضاة تحت أي شكل أو مسمى وفي حدود الشرعية الدستورية وما تنص عليه قوانين المملكة، كما وأنه من غير اللائق وصف المرأة البحرينية بتدني الثقافة الاسلامية والحقوقية والزوجية وأن الرجال ثقافتهم هابطة وهو ما ورد عن لسانه بصحيفة "أخبار الخليج" بتاريخ 13 فبراير الجاري 2005 صفحة .7
خامسا: بالنسبة إلى مطالبته بإنشاء محكمة خاصة لمحاسبة القضاة فإننا نذكر بأن قانون السلطة القضائية أوضح جواز محاسبة القضاة عن طريق مجلس تأديب خاص بهم والذي يحق له توقيع عقوبة اللوم أو العزل على القاضي طبقا لما ورد في نص المادة 34 وما بعدها من القانون المذكور اضافة إلى جواز اتخاذ اجراءات المحاكمة الجنائية إذا ما استلزم الأمر ذلك ووفقا لما تنص عليه المادة 43 وما بعدها من القانون ذاته فضلا عن أن جميع الشكاوى التي تقدم للمجلس الأعلى للقضاء يتم فحصها بمعرفة إدارة التفتيش القضائي واتخاذ الاجراءات المناسبة في هذا الخصوص.
سادسا: إن فضيلة الشيخ عبدالحسين العريبي يعترف صراحة فيما نشر على لسانه بصحيفة "الوسط" في 1 فبراير الجاري صفحة 4 بأنه يتمتع بقوة سياسية واقتصادية وهو أمر إن صح ينطوي على اقرار منه باشتغاله بالسياسة في حين أن قانون السلطة القضائية يمنعه من ذلك في المادة ،27 30 وهو ما كان يعرضه للمساءلة التأديبية في ذلك الحين عملا بالمادة 36 من القانون سالف الذكر.
سابعا: أن المجلس الأعلى للقضاء لديه من الخطط التطويرية والدراسات التي من شأنها رفع كفاءة السادة القضاة وتسهيل الاجراءات القضائية وتقصير أمد التقاضي والتي ستجد بإذن الله طريقها إلى التنفيذ بتوجيه جلالة الملك المفدى حفظه الله وبدعم واسناد من الحكومة، ولا تعوزه الأفكار التي ذكرها فضيلة الشيخ العريبي
العدد 894 - الثلثاء 15 فبراير 2005م الموافق 06 محرم 1426هـ