اتفاق التجارة الحرة بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية أثار ردود فعل عربية وخليجية وعالمية على رأس اهتمامات الإعلام الاقتصادي المقروء والمسموع والمشاهد وتناولتها الكثير من الفضائيات المتخصصة بكثير من التحليل والدراسة في جميع الجوانب المتعلقة بها من حيث استفادة الجانبين وتأثيراتها على المنطقة العربية والخليجية، الأمر الذي خلق منها اجندة رئيسية في مؤتمر قمة زعماء دول مجلس التعاون التي انعقدت أخيرا في المنامة، وقامت بعض القنوات الفضائية العربية بالدق المتواصل على نقطة الاختلاف التي أبدتها المملكة العربية السعودية الشقيقة، وحاولت تصويرها وكأنها خلاف بحريني سعودي، وهو لا يتعدى ولا يصل إلى ما ترمي إليه الجهات التي تحاول جاهدة زرع بذرة خلاف بين المملكتين الشقيقتين، ويحمد لقادة دول مجلس التعاون من خلال قمتهم احالة موضوع الاتفاق البحريني الأميركي إلى المناقشة والتحاور للجهات المتخصصة في المجلس.
وكعادة قيادتنا السياسية في البحرين تعاملت مع اختلاف الرؤى بين الاشقاء تعاملا اتسم بالحكمة والمسئولية التاريخية وتحركت على أكثر من محور وقامت برحلات مكوكية إلى السعودية وعلى أكثر من مستوى قيادي، الشيء الذي وضع الأمور في نصابها الصحيح قافلا الطريق امام أولئك الذين يريدون التصيد وخلق مشكلة بين البحرين والسعودية، في الوقت الذي يؤكد علماء الاستراتيجية أن كلا من المملكتين عمق للآخر، مهما اختلفت وجهات النظر فالعلاقة بين البلدين أكبر من كل المصالح ومن كل اتفاق.
وفي الحوار الذي وضع النقاط فوق الحروف مع صحيفة "الأهرام" المصرية والذي نشرته الصحافة البحرينية أكد رئيس الوزراء الموقر الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أن منطقة الخليج العربي تعد واحدة من أهم المناطق في العالم. ومن هنا تأتي أهمية التعاون الاقليمي مع الأشقاء والاصدقاء على المستوى الاقليمي والدولي للحفاظ على أمن المنطقة بشرط ألا يؤثر ذلك على دول المنطقة واستقلالها وأن يكون هذا التعاون في اطار الاحترام المتبادل بين الدول وان يمتد ليشمل التعاون جميع الجوانب السياسية والاقتصادية، مؤكدا رئيس الوزراء الموقر "اي نجاح تحققه أية دولة عضو في منظومة مجلس التعاون الخليجي هو نجاح لكل دول مجلس التعاون ومن شأن اتفاق التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة أن يتيح لباقي دول التعاون الاستفادة من مزايا هذا الاتفاق وما يوفره من مجالات الانتاج والاستثمار".
والمعروف أن الطرفين البحريني والأميركي شكلا منذ الجولة الأولى التي عقدت في المنامة في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي مجموعة تغطي خلال جولات المفاوضات جميع بنود الاتفاق وأهمها الخدمات، الخدمات المالية، الاتصالات، التجارة الالكترونية، البيئة، المشتريات الحكومية، الجمارك وحقوق الملكية الفكرية، المنسوجات والملابس الجاهزة، المعوقات الفنية، بالاضافة إلى العمالة. ولذلك يمكن القول إن هذا الاتفاق يمكن أن يلعب الدور الكبير في تنمية المنتجات العربية والخليجية بالشكل الذي يجعلها تنافس المنتجات العالمية من خلال الاستفادة من التقنية الصناعية الاميركية، كما أن فتح الاسواق الاميركية يمكن تلقائيا أن يصحح ما علق بسمعة العرب في الولايات المتحدة عبر المنتجات الأكثر جودة.
وفي الندوة التي عقدتها غرفة التجارة بعنوان "التنمية العربية وحجم السوق" أشاد رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص باتفاق التجارة الحرة الذي وقع بين البحرين وأميركا، واصفا اياه بالجسر الذي يربط المنتجات العربية بالسوق الاميركية، ومع كل هذه التأكيدات والاشارات المبينة لأهمية الاتفاق المذكور نقول إنه من الضروري الوصول إلى اتفاق الدول الخليجية بشأن اتفاق التجارة الحرة الذي وقعته البحرين مع الولايات المتحدة ولا سيما أن غالبية الدول الخليجية أصبحت دولا مصنعة سواء صناعات خفيفة أو ثقيلة ولذلك بامكانها الاستفادة من مزايا الاتفاق في تطوير البنيات الصناعية ودعم وتطوير صناعة البتروكيماويات وصهر الحديد، ومن ناحية أخرى لا ينبغي أن يكون الخلاف في وجه النظر بين الاشقاء عقبة في طريق التنمية الاقتصادية الخليجية التي نرمي إليها
العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ