العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ

تجارب اقتصادية تستحق النظر

ابراهيم عبدالله الشيخ comments [at] alwasatnews.com

النهوض الاقتصادي وتحقيق الرفاهية أصبح هدفا استراتيجيا تسعى له كل الدول والانظمة والشعوب الطموحة، وهي في سبيلها نحو الهدف تحدث لها الكثير من المعوقات والعراقيل، ولكن أهم من الجري وراء الهدف الكبير هو الاستفادة من تجربة الآخرين الذين وصلوا إلى مرحلة تحقيق الهدف أو كادوا أن يصلوا، ولنا تجربة لابد من الاستفادة منها وهي متمثلة في تجربة النهضة والتنمية في بلدان جنوب شرق آسيا والصين، وأصبحت تجارب تدرس في عدد كبير من الجامعات الأوروبية والغربية ومنها الجامعات العربية كما هو معمول به في جمهورية مصر إذ يتلقى طلبة الاقتصاد ما يعينهم على فهم العملية الاقتصادية برمتها، وفي الوقت ذاته هذه التجربة الآسيوية هي تجربة تربوية ايضا وفي الكثير من المؤشرات التي تصلح للتدريس في المناهج التربوية للناشئة، ولكل من هذه الدول قصة يمكن شرحها للناس حتى يستفيدوا منها في اعمالهم.

الصين اعتمدت عمليات التنمية على ساقين، أي بتنمية الزراعة والصناعة بشكل متوازن من جهة، والموازنة بين ملكية رأس المال الخاص ورأس المال العام، ما انتج تغييرات دينامية سريعة في بنية الاقتصاد الصيني عبر تحقيق نقلة نوعية في تركيبة الصادرات، وتحولا مهما في الهيكل الانتاجي للصناعة التحويلية، ودرجة أكبر من التعميق والتطوير التقاني وتحسنا في الانتاجية الكلية لعناصر الانتاج.

وعلى رغم ان التجربة الصينية لها خصوصيتها وتفردها إذ إن العالم يراقبها باهتمام ودهشة فإن انجازات السياسة الصينية واجهت الكثير من التناقضات بحسب رأي المختصين، أهمها ارتفاع معدلات البطالة في بعض المناطق، وتزايد التفاوتات الاقليمية نتيجة اختلاف مستويات النمو والتقدم الاقتصادي بين مناطق الصين، فضلا عن هشاشة القطاع المالي.

أما تجربة التنمية في ماليزيا فبدأت بعد حصولها على الاستقلال في العام ،1958 من خلال استراتيجية الاحلال محل الواردات، إذ انتقل الاقتصاد الماليزي من اقتصاد متخلف يعتمد على تصدير السلع الأولية إلى اقتصاد تحتل فيه الصناعة موقعا متميزا، وجرى تكثيف تنمية الصناعة من خلال تشجيع الصناعات التصديرية خلال حقبة السبعينات، في حين تم التركيز في النصف الأول من الثمانينات على التطوير والتحديث التقني من جهة، وتنمية رأس المال البشري من خلال تحسين هيكل المهارات لدى قوى العمل الماليزي من جهة أخرى، وجرى حفز القطاع الخاص لكي يلعب دورا أكبر في عملية التصنيع والتصدير.

وفي سنغافورة، حافظت القيادة السياسية على درجة عالية من التحكم المركزي في الأسواق المحلية والمؤسسات الرئيسية لتحقيق الأهداف الاساسية لعمليات التنمية كزيادة الوظائف وامتصاص فائض العمالة والاسراع بمعدلات النمو الاقتصادي، كما أن التوجه التصديري طبع منذ منتصف السبعينات مسارها التنموي، من خلال نمط تدفقات الاستثمارات الاجنبية حتى غدا الاقتصاد السنغافوري تدريجيا بمثابة منصة تصدير للشركات المتعددة الجنسية التي استقدمت الحزم التقانية والإدارية، وامنت في الوقت نفسه الأسواق الجاهزة لتسويق تلك المنتجات.

وهنا لابد من القول إن تجربة سنغافورة في بلدان المنطقة العربية من الصعوبة بمكان تكرارها نظرا إلى صغر حجمها والظروف التاريخية التي أحاطت بموقعها أثناء الحرب الباردة.

وعندما نقارن وضع تلك البلدان بوضع البحرين نجد أن موقعنا هو الاقرب إلى التجربة السنغافورية من باقي الدول الخليجية من حيث صغر المساحة والظروف التي مرت بنا والطموح الكبير الذي لدينا والامكانية البشرية التي نحظى بها، والقيادة السياسية التي تحاول منذ العام 2001م وبجهد جهيد العبور بالبحرين الى مرافئ النهوض الاقتصادي الذي وضعته قيادتنا كهدف استراتيجي وأولوية قصوى من الأولويات، ومن المؤشرات التي تجعلنا نتفاءل أكثر وأكثر الاجندة المطروحة الآن بالنسبة إلى الحكومة وإلى مجلس النواب من مشروعات حيوية تصب جميعها في صالح الهدف للنهوض الاقتصادي وتحقيق الرفاهية

العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً