عندما تمارس الجهات الرسمية التمييز ضد المرأة، يبقى الجميع يكتفي بمشاهدة المشاهد والفصول من دون حراك، ولا أحد أتصور أن يتجرأ ويقول للحكومة إنها قد تجاوزت بعض القوانين أوالمعاهدات الدولية التي تنص على مكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة، ونجد ذلك واضحا من خلال ممارسات السلطة على سبيل المثال في تعاملها مع المرأة، وتمثيلها التمثيل الحقيقي، إذ نجدها قد أخفقت إخفاقا كبيرا في هذا الملف تحديدا، وبالتالي تمثيل المرأة الموجود حاليا لا يليق مع قدراتها واستعداداتها الحقيقية، فوجود امرأتين بمنصب وزيرة بحقائب وزارية شيء جيد ومحمود وخطوة في الاتجاة الصحيح، صحيح أننا قد نكون أحسن حالا من غيرنا وأقصد هنا بغيرنا منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، التي لا يوجد بها إلى الآن وزيرة أو وجود وزيرة واحدة فقط، فتعد البحرين سباقة في هذا المجال، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وجود وزيرتين من بين "20" وزير لايزال الأمر لا يخرج عن نطاق التمييز لصالح الرجل وضد المرأة إذ لاتزال نسبة تمثيل المرأة لا يتجاوز الـ 10 في المئة، كذلك الحال بشأن وجود "6" شوريات من أصل "34" شوريا أيضا يدخل ضمان نطاق التمييز ضد المرأة إذ لا تتجاوز النسبة الـ 15 في المئة، والسؤال الذي يفرض نفسه، لماذا تمثل المرأة مرة بـ 10 في المئة ومرة أخرى بـ 15 في المئة؟ هل هذا يمثل عدلا؟ أليس من الاجحاف أن تظل النسبة هكذا متدنية؟ ألم أقل إن هناك تمييزا مغلوطا؟ لماذا الاصرار أن تبقى المرأة أقلية سياسية على رغم أنها بحسب الكثافة السكانية تمثل 50 في المئة من تعداد السكان، لماذا تظل الحكومة والمجتمع ينظرون إلى المرأة نظرة ضيقة؟ هذه حقيقة يجب أن تواجه، كما أنه على صعيد آخر عندما تأتي القطاعات النسائية، وتطالب بإيجاد آليات مساعدة تساهم على تعزيز وجود المرأة في مواقع صنع القرار السياسي وهذا ما توصلت إليه غالبية الدول العربية وغير العربية، عبر تخصيص مقاعد مخصصة للمرأة "الكوتا" تتنافس عليها المرأة، نجد أن الرأي الرسمي ينطق ويقول إن "الكوتا" نوع من أنواع التمييز، وبالتالي يجب مكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة حتى وأن كان التمييز إيجابيا، أجد في ذلك تناقضا كبيرا جدا كما أصفه بالتمييز المغلوط فعندما كانت الحكومة تمارس التمييز ضد المرأة في تمثيلها في المناصب السياسية، وكان حينها تمييزها سلبيا، وليس إيجابيا لا نجد غضاضة في ذلك، ولكن عندما يتحول التمييز السلبي إلى إيجابي محمود نجده لا يتوافق مع الخط الرسمي، تحت حجة أنه يتعارض من النصوص الدستورية ويعتبر خرقا للقانون. .. طيب جميع الدول العربية وغير العربية لديها دساتير، ولكن من خلال الدستور يحاولون إيجاد مخارج عملية للعمل على استيعاب المسائل التي ربما لا تكون النصوص الدستورية متوافقة معها.
والغريب العجيب في الأمر يتذرعون بأنه لا يعني أن المرأة لم تفز هذه المرة يعني انها لن تفوز أبدا، كما أنها إذا لم تفز هذه المرة فربما تفوز في الدورة القادمة وإذا لم تفز في الدورة القادمة فإنها ستفوز في الدورة التالية وهكذا، وقد لا تحتاج إلى كوتا لكي نضمن لها الفوز، صحيح ذلك ربما يحدث وإلى حد ما الكلام صحيح ولا غبار عليه، ولكن إذا أردنا أن نثبت بأننا مع المرأة ومع نصرة قضاياها لابد لنا من إيجاد تدابير معينة تساعدها على تعزيز وجودها في العمل السياسي، ولا يختلف اثنان عاقلان على ذلك، إذ إن نسبة مشاركة المرأة في الترشح سيزداد مع الكوتا، كما أن المجتمع سيضمن ربما نجاح المرأة، وبالتالي سيقبل الرجل والمرأة على حد سواء على التصويت إلى المرأة بحماس كبير إذ إنه في النهاية لا بد من فوز امرأة على أي حال.
ولكن طالما استمرت الحكومة على ممارسة التمييز السلبي ضد المرأة فإنه حتما سينتج عن ذلك تمييز سلبي أيضا من المجتمع ضد المرأة إذ إنه في الكثير من الأحيان المجتمع يحاكي الحكومة في القرارات، إذ إن العملية تبادلية إلى درجة كبيرة، ولعل تجارب الدول التي سبقتنا في الديمقراطية لأكبر دليل على صحة ما أقوله، وربما يأتي العكس فبلد مثل السعودية على سبيل المثال هناك قطاعات كبيرة تشجع وتؤيد حضور المرأة في العمل السياسي الا أن الحكومة السعودية لاتزال ترى أنه لا توجد أهمية أو ضرورة لحضور المرأة في العمل السياسي وأن الوقت لم يحن بعد، وبالتالي هناك تشجيع إلى التيار المناهض للمرأة من النجاح في أهدافه وطموحاته
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ