كلما رأيت إحداهن مديرة مدرسة أو مسئولة في الدولة، أو ناشطة في مجال ما، تذكرت أمية والدتي على رغم ذكائها الفطري، وعفويتها الممزوجة بشيء من الوعي السياسي/الاجتماعي. كلما رأيتهن سألت نفسي: ألم يكن لهذه المرأة شأن آخر لو حظيت بفرصة التعليم؟ والتي كانت حينها ضربا من الخيال وسط التحفظ التام على تعليم المرأة فضلا عن توظيفها، في تلك الفترة وفي مثل البيئة التي ترعرعت فيها الوالدة العزيزة. ففي فعاليات اليوم البلدي الخليجي والندوة التي تحدثت فيها كل من عضو المجلس البلدي المركزي القطري شيخة الجفيري، وعضو المجلس المحلي في محافظة عدن بالجمهورية اليمنية فاطمة المريسي. حاولت التداخل برأيي المتواضع في شأن عدم تمكن المرأة في الدول العربية من الفوز في الانتخابات البلدية-المحلية والنيابية، ولسوء الحظ فإن مدير الندوة أراد بشكل أو بآخر استثناء اسمي من المداخلات، لسبب يعلمه هو ويجهله الآخرون. المهم، سأطرح رأيي باختصار في شأن اخفاق المرأة في الانتخابات.
أولا: أعتقد أن جوهر الإسلام وتعاليم النبي "ص" وسيرته لم تقف عائقا في وجه تمكين المرأة، وليس للإسلام علاقة بتهميشها. ودعوة النبي "ص" للنساء في بيعة العقبة الكبرى أو بيعة الرضوان مثلا، فيها شأن عظيم خصوصا حينما ألزمهن بقول رأيهن، ولم يخيرهن، وجعل من أولويات هذه البيعة مشاورة النساء في الشأن السياسي العام.
ثانيا: في الدول العربية سيطرت العادات والتقاليد البالية، التي لا تمت للدين بصلة، واستخدمها بعض مشايخ الدين لتكريس وضع "يرتاح" له هذا البعض، وتحالف هذا "البعض" مع الأنظمة "في غالبها قبلية"، من أجل عدم تمكين المرأة، وكان ذلك نظير مقايضات بعضها ضمني والآخر صريح.
ثالثا: بعض النسوة أساءوا لنضالات المرأة المطالبة بحقوقها وكرامتها، ومساواتها مع أخيها الرجل. وهناك الكثير من الشواهد على ذلك الأمر، من "..." بمصر إلى "..." في البحرين إلى "..." في الكويت. وكذلك أساءت لها بعض العناصر في التيارات اليسارية.
مع الأخذ بالاسباب، فإن المرأة لا تبرز نفسها إلا اثناء الانتخابات، اما في أوقات أخرى فإن المعروفات منهن لا يتعدى عددهن أصابع اليد الواحدة! على رغم من قواعد بعض الجمعيات السياسية والتي تصل إلى "65,000" عضو؛ إلا أننا لا نشاهد على السطح إلا هذه المجموعة الصغيرة من النسوة!
إن القول بأن المرأة لا تستطيع أن تقوم بمهام العضو البلدي أو النيابي هو قول مجاف للواقع. فهناك الكثير من الرجال لا يقومون بمهامهم البلدية والنيابية بالشكل المطلوب، فلماذا لا يحرضنا ذلك على عدم انتخاب الرجال أيضا!؟ ثم فيما يخص المجالس البلدية المنتخبة هل المرأة حينما تنتخب كعضو بلدي ستقوم بعمل ومجهود في تصليح ما يعطب في المنطقة البلدية أم ستوجه وترسل خطابات للجهات التنفيذية، من أجل حسن سير الإدارة المحلية للمنطقة؟ وعلى ذلك فإن المرأة والرجل لا يتم انتخابهما، كعضو بلدي، للقيام بأعمال تنفيذية بل تقريرية بحتة.
ثم إن الجمعيات السياسية التي تؤمن بمشاركة المرأة لماذا لا تتفق فيما بينها على كوتا نسائية لدخول المرأة المجالس المنتخبة؟ فالجمعيات السياسية مطالبة بتنفيذ برامجها التي تؤكد فيها دائما على مشاركة المرأة وحقها في تمثيل الأمة. فهل نرى تحالف كوتا نسائية للمرأة البحرينية في المجالس البلدية أولا؟! الكرة الآن في ملعب القوى السياسية والاجتماعية
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 885 - الأحد 06 فبراير 2005م الموافق 26 ذي الحجة 1425هـ