في مثل هذا اليوم قبل أربع سنوات، أي في الخامس من فبراير/ شباط من العام ،2001 كانت البحرين كلها تترقب، انشدت العيون والآذان إلى ما يمكن أن يحمله خطاب جلالة الملك "سمو الأمير آنذاك" من مستقبل لهذا البلد، فقد اختار جلالته مناسبة مزدوجة ذات رسالة مزدوجة، يوم قوة الدفاع، ويوم الإعلان عن العفو العام، الأمر الذي فتح طريقا واسعة للتغيير، واجتهدت كل القوى الفاعلة في المشاركة بطريقتها، ولكنها في النهاية كانت تتجمع حول نقطة واحدة وهي البحرين، والبحرين فقط.

منذ ذلك اليوم قبل أربع سنوات من الآن، تغيرت في البحرين أمور كثيرة، جلها كان يسير نحو الأفضل، لم يكن الناس ينتظرون العطايا والمكرمات، ولم يطلب أحد أن تمطر السماء نقودا وسبائك من الذهب والفضة، بل كانوا يأملون أن يتحدثوا من غير أن يتلفتوا وراءهم، وأن تبيض سجون الرأي، وأن تعود الطيور المهاجرة والمهجرة إلى أوطانها، وكل هذا قد تحقق في خطاب واحد، أو بجرة قلم، فكانت الموانع والكوابح تتهاوى تحت مطرقة جلالة الملك بحيث لم يعد الناس يستوعبون العصر الذي هم مقبلون عليه، بل كان هناك من يرجو العاهل أن يتمهل شيئا حتى لا يصاب الناس بتخمة الحرية والتغييرات السريعة، وكانت المقولة السائدة في تلك الأيام بأن الملك "الأمير" كان يسير بخطوات أسرع مما كان يسير عليه المجتمع.

اليوم بعد أربع سنوات قد استتب للناس الكثير من الثوابت، وباتت الخطوات الإصلاحية جزءا من يومياتهم وتشربوها، ومن الصعب أن يتخلوا عنها أو يتراجعوا، وبالتالي، فإن "المشروع الإصلاحي" يحتاج إلى شحنة أخرى جديدة تنتقل به إلى ملفات أخرى غير السجون البيضاء وحرية الكلمة التي نحاول جميعا أن نؤسس أطرها... شحنة أخرى تجعل من الإصلاح "مشروعا" قائما وورشة عمل دؤوبة وباعثة بالأمل في النفوس، والملفات التي أمامه ليست قليلة، وسنوات التجربة الأربع بينت الكثير من النواقص والاحتياجات لكي يزهو البناء ويغدو أجمل وأقوى... شحنة أخرى