للمرة الأولى في تاريخنا العراقي نحن براء من كل ما يلصق من تهم بالأنظمة العربية، على رغم ذلك قد يزعج بعض الأنظمة اليسارية التي مازالت تعتبر أن البراءة "عيب أخلاقي كبير قد يلحق العار بصاحبه مادام حيا". نحن بريئون ولدينا شهادة سيرة وسلوك تقول إننا لسنا طلابا نجباء لدى مدرس اللغة الإنجليزية الأميركي.
نحن مازلنا نتستر بورق التوت الذي رمته الرياح عن البعض فبانت لهم عورة، ولكن مدرس اللغة الإنجليزية الأميركي أصدر أوامره بكشف العورات كلها، ولا داعي لحجب ما يمكن حجبه مادامت العورة الأصلية قد بانت.
نحن براء من التهم الموجهة إلى الحكومات العربية، لأننا ببساطة بلد بلا حكومة. وحكومتنا المقبلة ستكون من الذكاء بحيث تتجنب إيقاع نفسها في حبائل الإرهاب والغدر وجز رؤوس الأميركان العاطلين عن العمل، بل إنها ستلقي القبض على عدد من جنود المارينز لتتأكد من حوزتهم على بطاقات التموين، ثم تطلق سراحهم بكلمات وداع حارة. نحن بلد بلا حكومة، ولهذا كل ما يقال من شتائم وكل ما ينشر من فضائح في الصحف العربية والأجنبية نحن منها براء. فنحن بلد مسالم حتى أنه استغنى عن حكومته، وحين طلبوا منه حضور أحد الاجتماعات العربية المهمة طلب من أحد المتخصصين الحضور لرفع العتب، ولكنه - أي البلد - طلب بصرامة من المتخصص إياه ألا يصغي إلى نصائح مدرس اللغة الإنجليزية الأميركي بأن التدخين في مثل هذه المحافل ليس عيبا ولا استفزازا ولا "قلة حياء".
لقد منحنا مدرس اللغة الإنجليزية الأميركي فرصة العمر في رصد سلوك قادة الأنظمة، وخصوصا ونحن بلد بلا نظام وليس لدينا سلطة معينة. كل ما لدينا هو بعض الشرفاء الذين وضعوا أسماءهم رهن الاغتيال بحسب الحروف الأبجدية. ليس لدينا ما يعيب كما هو حاصل لدى إخواننا أصحاب الكراسي الفخمة. فنحن كنا نشكل دولة تفككت بقدرة قادر وفرخت تيارات وأمواجا غير متراصة؛ منها من يحن الآن إلى الملكية، ومنها لايزال يعتقد أن صورة الزعيم عبدالكريم مازالت تطل من القمر، ومنها من يريد أن يصلي ليس باتجاه القبلة، ولكن باتجاه ظهر مدرس اللغة الإنجليزية الأميركي
العدد 878 - الأحد 30 يناير 2005م الموافق 19 ذي الحجة 1425هـ