العدد 878 - الأحد 30 يناير 2005م الموافق 19 ذي الحجة 1425هـ

كل المحبة للسيد السيستاني والعراق بالعرس الانتخابي

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

الانتخابات العراقية تحت ظل الاحتلال ليست بدعا في التاريخ، فاليابان قامت بانتخابات مماثلة في ظل الاحتلال وكذلك ألمانيا وكثير من الدول. الدموع التي تذرف على العراق بعضها دموع توجس وخوف على المستقبل العربي، وبعضها دموع بلاستيكية انتقائية، فما بالها في فلسطين دموع فرح وفي العراق دموع حزن على رغم أن كلا الدولتين محتلتان. فوز حماس في الانتخابات البلدية افرحنا جميعا لأنه انتصار لمنطق حركة إسلامية لها تاريخها وهي تشارك في انتخابات واقعة تحت الاحتلال. وعلى رغم ذلك لم نسمع مثقفا عربيا أو عروبيا أو قوميا تكلم عن خطورة الدخول في انتخابات تقع ضمن الاحتلال الإسرائيلي، فهنا الانتخابات "حلو وبارد، وعليهم بالعافية" ولا من بيانات "ثورية"، وعندما نصل الى العراق يتبدل الخطاب 180 درجة. يا جماعة "فهمونه" إما أن الانتخابات تحت الاحتلال حلال وإما حرام. أما أن تكون حلالا في مكان وحراما في مكان آخر فهذا شيء لا يمكن أن نقبله. اما عن الفتاوى فهناك فتاوى ازهرية وأخرى سعودية خرجت تندد بالعنف وبعضها يدعو الى الانتخابات في العراق فما الرد على ذلك؟

يا جماعة، لا تكونوا انتقائيين حتى لا نفهمكم خطأ "حاشا لله"... بعض رؤساء العرب يندد بالهلال المرتقب ويخوف العرب من تسرب الصهاينة "يا عيني على هذه المزايدات"... الصهاينة تسربوا من زمان "وصباح الخير يا عرب"... الصهاينة تسربوا من وادي عربة ومن كامب ديفيد ومن مكاتب التجارة في الخليج ومن البضائع الإسرائيلية المسربة إلى الأسواق ومن الرحلة البكائية للوفود العربية عندما راحوا يعزون "إسرائيل" في وفاة رابين. وعملية "السلام" ما كادت لتصير لولا هجوم صدام على الكويت. وبعد الهجوم على الكويت وحدوث الحرب تغيرت المنطقة وبدأت سلسلة التنازلات العربية.

بالأمس عكفت على كتاب قديم قرأته سابقا يتكلم عن دور الشيعة في العراق اسمه "دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث" للمفكر الخليجي عبدالله النفيسي وهو كتاب في غاية الأهمية سأفرد له بعض المقالات مع التحليل لاحقا.

هناك نقطة مهمة اقرأها في موقف الشيعة من الانتخابات العراقية ويجب أن نصارح بها الجميع بلا مجاملات... لا تنتظروا شيعة العراق ان يدخلوا في صدامات فيكفيهم ما جرى عليهم من ظلم وتعسف واقصاء وتمييز وملاحقات طيلة حقب التاريخ، وللمزيد انظر كتاب "الشيعة والحاكمون" لمحمد جواد مغنية. فلا تنتظروا من الشيعة ان يدخلوا في محارق قادمة أو ان تستثيرهم الشعارات الرنانة. هذه المحارق بين ايدي الجميع ومن يريد الموت والعنف والمواجهات فعليه بالعافية ونتمنى له التوفيق. وقد جاء الوقت ليتفهم شيعة العراق وغير العراق ضرورة الخروج من منطق المواجهة مع الحكومات الى أهمية المطالبة سلميا معها بعيدا عن لغة الدم ونفخ العضلات... ليس هذا يأسا ولا تراجعا بل هي واقعية وإعادة قراءة للأمور بعيون تتفهم الظروف ومحاربة الأميركان. لا احد يستطيع ان يزايد على الشيعة في ذلك ولسنا بحاجة الى دروس من الزرقاوي وغيره.

تقولون للعراق ان السلم لا يطرد المحتل. ونقول: غاندي طرد الانجليز بالخيار السلمي ولم يقتل أحدا منهم ولكن الذي قتله هو احد الهندوس المتطرفين، تماما كما تورط في قتل السيدمحمد باقر الحكيم جماعة التكفيريين وبقايا النظام السابق ولا يبعد تواطؤ المحتلين في ذلك. وما نعرفه ونقرأه من بيانات الزرقاوي انه يكفر الشيعة ويبيح قتلهم، ففي آخر بيان له في مبايعته للقاعدة كان يعبر عن السيد السيستاني بـ "رأس الشرك"... فماذا تريدون من العراقيين؟ ان يسلموا العراق لمن يرى كفرهم. هل هذه واقعية ام جنون؟ الأميركان لا يحتلون العراق فقط بل كل العالم العربي، فيكفي مزايدات. كما أن السيد السيستاني رفض لقاء أي مسئول أميركي، ومن صالح الأنظمة العربية نجاح العراق وانتعاش المرجعية في العراق، فـ 90 في المئة من الشيعة في العالم يتجهون اليوم نحو السيستاني ونحو النجف، وهذا سيبدد بعض مخاوف الأنظمة عندما تأخذ النجف دورها من جديد.

لا احب ان اجامل احدا واقول انا فرح لانتخابات العراق، والتوازن الجديد قادم وثقافة السيستاني ستقوي دعاة التوازن من الشيعة في الخليج وهذا مكسب لأهل الخليج، لذلك يجب أن يفهموا الدرس جيدا. كم هي جميلة صور السيد سعيد الحكيم وهو يدلي بصوته، وكم هي جميلة الأنشودة التي تردد يوميا في قناة الفرات "سيدعلي" تنشد نشيدا عن عراق الوحدة بين السنة والشيعة وفرحهم بسقوط الطاغية والتفافهم حول السيستاني... اليوم لم تعد هناك قناة واحدة تدعو لصدام، بل كل القنوات تدعو للعراق من قناة الفيحاء والفرات والابرار والعراقية... مبروك للعراق هذا العرس، والعرس الكبير - بإذن الله - سيكون بانسحاب الاحتلال وبداية التعددية الحقيقية

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 878 - الأحد 30 يناير 2005م الموافق 19 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً