عندما كان يشار إلى السودان بأنه واحد من أكبر الأقطار المنتجة للقطن "الذهب الأبيض" تمتع الناس بنعمة الاستقرار وهدوء البال وانصرف الغالبية لتقاسم الأراضي الواسعة لاستصلاحها والاستفادة من الخير الذي تجود به لتسيير شئون حياتهم. أما اليوم ومع دخول البلاد عهد إنتاج وتصدير البترول "الذهب الأسود" اندلعت الكثير من الحروب وامتدت من الجنوب - الملتهب أصلا قبل تدفق النفط - إلى الغرب. واليوم حملت لنا الأخبار بوادر اندلاع نزاع جديد في شرق البلاد وتحديدا في الثغر بورتسودان.
سقوط الكثير من الضحايا برصاص الشرطة في مدن ولاية البحر الأحمر تؤكد عنف المواجهات التي وقعت على مدى الأيام الماضية، والمحرض هذه المرة للنزاع "مؤتمر البجا" المعارض وهو ينتمي تاريخيا للحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني المعارض الذي وقع قبل أيام اتفاقا مبدئيا للسلام مع حكومة الخرطوم.
يقول "مؤتمر البجا" المعارض إنه فجر الأوضاع في البحر الأحمر لكي تلتفت الحكومة لمنطقتهم وكل المناطق المهشمة في البلاد ولا تحصر تحركها في إطار المرحلة المقبلة على الجنوب وغرب البلاد فقط. مطالب مقبولة لكن المنطق أعوج، فلماذا كلما تتقدم البلاد خطوة نحو تفعيل السلام تتراجع خطوات إلى الوراء فيما يتعلق بالوضع الأمني؟ أليس هناك من سبل أنجع وأسهل وغير دموية لتوصيل الأفكار والمطالب؟ أم أن البندقية والصريخ صارت هي الأسرع في عصر المعلوماتية والانترنت؟
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ