العدد 87 - الأحد 01 ديسمبر 2002م الموافق 26 رمضان 1423هـ

المسرح بوصفه طريقة حياة

للفنان عبدالله السعداوي تجربة خاصة في التعامل مع المسرح، ليس بوصفه مادة فنية، أو إبداعية فحسب، ولكن المسرح بوصفه حياة وطريقة عيش، ومنهج تفكير.

لذلك فهي من أكثر التجارب استثمارا لكل المعطيات المتاحة. فما قدمه من فن لا يرتهن بأي شروط مسبقة، بل العكس لقد كان المسرح عنده ولايزال مجالا يتنفس فيه حرية من نوع خاص، الحرية التي تخرجه من متاهات الحياة وأوجاعها إلى فضاء صغير، وإلى مساحة لا تخلو من زهد ومن غياب لأبرز الأدوات الكفيلة بتوفير أقل القليل حتى تخرج التجربة بالشكل المنتظر.

لذلك فالفعل المسرحي عند السعداوي فعل مقدس عاشق في الدرجة القصوى. وفي ظل اشتراطات قاسية لايزال السعداوي متمسكا بالفعل الذي رهن له حياته. لقد عرض عن الدنيا وأراد المسرح، لذلك غدا المسرح الذي رامه هو دنياه وحياته، في ساعات كربه يلوذ به، وفي لحظات نشوته يلجأ إليه، ليس المسرح عنده فضاء لبث رسائل لا تحمل أية قيمة، بل القيمة الفنية مرامه ومراده وأساس بحثه. تجربته متنوعة ولا يمكن اختزالها في نمط محدد أو في قالب بعينه، لكن ثمة مسحة طليعية تلف معظم تجاربه لا على مستوى التكنيك الإخراجي، بل في الاهتمام بأصغر التفاصيل وأدقها.

ودور السعداوي في المسرح البحريني دور لا يقل عما نسميه بالريادة، فقد أدخل مفهومات جديدة لم تكن ذات حضور، وطوّر آليات مختلفة على مستوى التدريب المسرحي انطلاقا من الورش المسرحية التي أشرف عليها ووضع أولوياتها ومجال اشتغالها بمعاونة مجموعة من الشباب.

ذلك أن الخروج من الأطر القارة والراسخة يستلزم بالضرورة الاستعانة بعدد من الممثلين الذين يقلون خبرة أو أن اقترابهم من المسرح كان الأول من نوعه مع تجربة لم تتأسس بعد على ركائز متينة تضمن لنفسها الديمومة في التطور والتجدد والاكتشاف.

ولم تزل حتى اللحظة هذه التجربة غير مؤسسة كما ينبغي بسبب ظروف خاصة ليست خافية على أحد. إن المأزق الكبير الذي أحاط بالتجربة منذ بدايتها ولم يجعلها تنمو النمو المطرد المنشود يتمثل في ابتعاد شبه كلي من العناصر التي بدأت مع التجربة بسبب ظروف حياتية أو بسبب غياب الحماس، الدافع الوحيد لتجربة من هذا النوع لا تتطلب سوى الجد والمثابرة والالتزام. غياب هذه العناصر بالإضافة إلى أن عددا من الذين كانوا مع السعداوي تركوا المسرح لعدم الجدية الكافية، ولم يكن المسرح بالنسبة إليهم طريقة حياة ومبعث لذة، جعل من التجربة تراوح مكانها بسبب المتطلبات الكثيرة التي يحتاجها الممثل الجديد المنضم إلى التجربة حديثا. ولانتفاء الطاقة اللازمة للبدء والعودة إلى البدايات. لذلك فمستقبل التجربة التي أوجدت حساسية جديدة في الفهم والقراءة والتناول لا يبدو مشرقا تماما، ولكن مع الإصرار الكبير الذي يبديه السعداوي في إيمانه منقطع النظير في الوقت الذي تبدلت فيه الكثير من المفهومات بخصوص الفن والإبداع

العدد 87 - الأحد 01 ديسمبر 2002م الموافق 26 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً