يقال إن الشعب البحريني من أكثر شعوب العالم معاناة من أمراض القلب والضغط والسكري، ومرد ذلك إلى الأزمات الخانقة التي يمر بها الإنسان البحريني في مراحل حياته المختلفة. ولذلك، وغيره من أسباب، لم تكن إصابة الشيخ أبي عبدالرحمن عادل المعاودة بهذه الوعكة الصحية - شافاه الله وعافاه منها - مدهشة بالنسبة إلي. فقد عرفت الرجل عن قرب وعلى رغم اتفاقك أو اختلافك معه، فإنك لا تستطيع أن تشكك في اعتداله وواقعيته، ومحبته للآخرين، أيا كان الآخرون، وكذلك سعيه إلى مساعدة الفقراء من مختلف الطوائف.
وتكفل المعاودة بحمل لواء المطالب الشعبية المشروعة في تحسين مستوى المعيشة، وضغط باتجاه تمرير قانون الضمان الاجتماعي، الذي قدمته كتلة الأصالة، إلا أن الحكومة لم تستجب لهم! على رغم مساهمة المعاودة بشكل كبير في الحشد للانتخابات النيابية، إيمانا منه بالمشروع الإصلاحي... أهكذا يكون جزاؤه من الحكومة؟!
وكثيرا ما تطرقنا إلى "التصلب الحكومي" في مواجهة النواب في كل ما من شأنه إدخال دينار واحد في جيب المواطنين، فأين تحسين مستوى المعيشة التي تتشدق به الحكومة وتمطرنا بالتصريحات عنه ليل نهار، رأيناه يتبخر قبل جفاف الحبر الذي يكتب به! وهنا بودي أن أشير إلى الموقف المشبوه الذي يقوم به أحد الوزراء، والذي راح يدافع عن كل ما تطرحه الحكومة ضد المطالب المشروعة التي يقدمها النواب من أجل أن ينال الشعب البحريني جزءا من ثروة باطن وسطح الأرض! أو توزيع يوصف بـ "نصف عدالة" للثروة القومية في البلاد على العباد، فأبت الحكومة إلا الاستئثار بالكعكة كاملة!
الوزير المذكور يبدو أنه لا يعيش في البحرين، ولا يعرف مستوى المعيشة المتدني للمواطن، إذ يدافع بكل ما أوتي من قوة قبال طلبات ممثلي الشعب. وتحاول الحكومة حرق ما تبقى من أوراق شعبية من الممكن أن ينال منها المعاودة وصحبه في مجلس النواب، شيئا من الشعبية المطلوبة لهم ككتلة، وقبل ذلك حفاظا على صدقيتهم أمام ناخبيهم كمشايخ دين... الحكومة لم تراع لا هذا ولا ذاك!
الوعكة الصحية التي ألمت بالمعاودة هي جراء التصلب الحكومي قبال مشروعات النواب المالية، وأكرر المالية تحديدا. وأكثر من نائب التقيتهم يشكون من هذا التعسف من قبل الحكومة "منهم عبدالله الدوسري" الذي نفد صبره على الحكومة كما يقول، ولكن ما العمل؟
أصل الإشكال والوعكة البرلمانية، هو السلوك الخاطئ، للممارسة السياسية، فأنتم من قبلتم أن تكونوا على هامش الحكم، والأصالة قبلت بذلك، وليتها تقتنع اليوم، بأن الاستتباع السياسي في بلد كالبحرين له إرث سياسي وحقوقي قاس، أمر له عواقبه الشعبية. ولكن، ألم يمكن أن يتغير الحال لو أن الكتل البرلمانية تعاطت مع الحكومة بطريقة "غير استجدائية"؟ ماذا لو أنذرت كتلة الأصالة الحكومة بالاستقالة واستخدام حقها في "عدم تعاون الحكومة معها" كما جاء في الدستور!؟
على المسئولين الحكوميين أن يكونوا أكثر رأفة بـ "الغلابة" من أبناء الوطن، وعلى النواب أن يكونوا أكثر صراحة مع أنفسهم أولا، فما عاد يجدي نفعا التعلق بشماعة "الحكومة لا تتعاون"! ألم يكن بإمكانكم أيها النواب تعديل اللائحة الداخلية وإخراجها من الأدراج؟ ألم يكن بإمكانكم إجراء تعديلات دستورية تتماشى مع النظم البرلمانية الحديثة؟ ألم يكن بإمكانكم طرح "عدم تعاون الحكومة" معكم؟ ذلك لكي تعذروا أمام الله وأمام الناس
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 860 - الأربعاء 12 يناير 2005م الموافق 01 ذي الحجة 1425هـ