العدد 858 - الإثنين 10 يناير 2005م الموافق 29 ذي القعدة 1425هـ

الغرب يراقب بقلق انتخابات الرئاسة في إيران

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

تم الاتفاق على موعد السابع عشر من يونيو/ حزيران، إذ سيتوجه الناخبون في إيران إلى صناديق الاقتراع للمرة التاسعة لانتخاب رئيس بلادهم. "الانتخاب التاسع" كما تسمى هذه المناسبة ستكون عملية معقدة أكثر من العمليات الانتخابية السابقة. وأكثر ما يثير قلق المسئولين الحكوميين أن تخلو مراكز الانتخاب من الناخبين، إذ إن القيادة السياسية تحتاج إلى الحصول على صفة شرعية لإسكات المنتقدين في الخارج وذلك على ضوء التهديدات التي تواجه إيران، بينما يبحث مؤيدو التيار الأصولي وكذلك محبذو الإصلاح عن مرشحين لمنصب رئيس الجمهورية.

وبينما يشكل التيار المتشدد الغالبية في البرلمان، أصبح هناك ما يسمى بالجيل الثاني منهم، وأهم حزب ينضوون تحت مظلته هو حزب عبادجاران. يتزعم هذا الحزب غلامعلي حداد عادل، إحدى بناته متزوجة من أحد أبناء آية الله الخميني.

من ضمن المرشحين المحتملين أيضا وزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي الذي يحظى بقبول من طرف مجلس تحالف القوى الإسلامية، ومنذ وقت يقدم ولايتي المشورة للمجلس فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية. كما يتم تداول اسم علي لاريجاني الذي كان حتى وقت قصير مديرا لهيئة الإذاعة والتلفزيون. ويشار إلى أنه من أبرز الصقور نظرا إلى نفوذه الواسع على وسائل الإعلام في إيران.

مرشح آخر يدعى أحمد توكلي وهو عضو في البرلمان ينحدر من مدينة طهران. وإذا تم ترشيح ولايتي لخلافة الرئيس خاتمي فإن فرص منافسيه ستصبح ضعيفة. فقد تعرف على العالم حين كان وزيرا للخارجية والعالم كله يعرفه. كما أن هناك عاملا مهما آخر يعزز فرصة ولايتي بمنصب رئيس الجمهورية وهو كونه يحظى بثقة قادة الثورة الإسلامية.

لكن ولايتي وهو طبيب، يعاني من مشكلة. بعد أن أدانت محكمة برلينية في نهاية عقد التسعينات إيران بالتحريض على اغتيال أربعة من قادة الحزب الديمقراطي الكردي في برلين الغربية العام ،1992 وأدان قرار الحكم وزير الخارجية حينذاك "وهو ولايتي نفسه". وإذا فاز بمنصب رئيس الجمهورية ستضطر الدول الأوروبية مبدئيا إلى الاتصال به فقط عبر الهاتف والفاكس والبريد الإلكتروني.

فيما يتعلق بالمعسكر الآخر، وهو معسكر أنصار الإصلاح، فقد حصل بعض التغيير. تعرض هذا التيار إلى الضعف في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير/ شباط .2004 الطلبة بصورة خاصة الذين كانوا يشكلون عماد القاعدة الانتخابية لهذا التيار أداروا ظهورهم له. لكن معسكر الإصلاحيين عاود تنظيم صفوفه مجددا في الأشهر القليلة الماضية. وأول خطوة قام بها حزب "مشاركة" الذي يتزعمه الطبيب محمد رضا خاتمي الشقيق الأصغر لرئيس الجمهورية الحالي، كان إعلان اسم مرشحه وهو مصطفى معين. هذا المرشح الملتحي طبيب أطفال "53 عاما"، ومن الصعب التكهن بأنه سيحظى بتأييد شعبي واسع. كما أن من المستبعد حصوله على تأييد الشباب المتعطش لانفتاح الدولة. حتى العام 2003 عمل وزيرا للعلوم في حكومة الرئيس خاتمي. بعد الصدامات الدامية بين قوى الأمن والطلبة كتب رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس خاتمي واستقال من منصبه. قبل أربع سنوات حين قام معارضو الإصلاح بمهاجمة مساكن الطلبة ليلا أراد معين أن يستقيل من منصبه لكن طلب الاستقالة رفض.

غير أن معين ليس هو المرشح الوحيد لمعسكر الإصلاحيين، ذلك أن بعضهم يؤيد ترشيح رئيس البرلمان السابق مهدي كروبي، وفرصه أقوى من فرص معين. وكروبي رجل دين ويحظى بلقب حجة الإسلام ويتزعم مجموعة علماء الدين المحاربين. وقد حدد كروبي موقفه حيال الترشح، وفي حال دخول رئيس مجلس الشورى علي أكبر هاشمي رفسنجاني معركة انتخابات الرئاسة يعلم كروبي أنه لن يملك فرصة قوية بالفوز. ذلك أن التيار الإصلاحي أيضا سيؤيد رفسنجاني الذي سيكون رجل الساعة على ضوء التهديدات التي تواجهها إيران.

ويعتقد كثير من المثقفين في إيران أن رفسنجاني "73 عاما"، سيكون أفضل رجل لمنصب رئيس الجمهورية في هذه المرحلة. لكن الأخير لم يحدد موقفه بعد، وما إذا كان سيقبل الترشح أم يرفضه. وقبل وقت قصير صرح لصحيفة إيرانية بأن إيران بحاجة إلى وجوه جديدة، لكن "إذا رغب الشعب في أن أعود فسأستجيب لدعوته لأتحمل العبء الثقيل".

موقف الغرب وخصوصا الولايات المتحدة المناهض لإيران من أبرز أسباب التأييد الواسع المحتمل لرفسنجاني الذي غاب اسمه عن الساحة بعد أن خسر المنافسة أمام منافسه محمد خاتمي في العام 1997 وظل بنظر الكثيرين عبارة عن زعيم غير جيد يتبنى مواقف معادية للغرب على الدوام. لكن بعد مضي سنوات طويلة على تقلد خاتمي منصب الرئاسة رفضت الولايات المتحدة دعوته للحوار وساهمت بذلك في إضعاف تيار الإصلاحيين. تم تحميل رفسنجاني مسئولية اغتيال عدد من المثقفين الإيرانيين داخل إيران وخارجها، كما تم الزج بصحافي إيراني يدعى أكبر خانجي في السجن لأنه أعد كتابا تحت عنوان "صاحب السماحة والثوب الأحمر"، وجه فيه انتقادات قوية إلى رفسنجاني.

في العام 2000 حقق عودة سياسية جديدة حين فاز بعد عناء بمنصب رئيس المجلس أي البرلمان الإيراني. وشهد هذا العام عودة صعود التيار المتشدد الذي يحتفظ بالغالبية في المجلس. وقال أحد الدبلوماسيين الأجانب معلقا: "سيان بالنسبة إلى الإيرانيين من يحوز على السلطة، فقد تعب الناس وتوقفوا كما كانوا في السابق عن الوشوشة فيما بينهم وتوجيه انتقادات إلى القيادة السياسية، ولم يعودوا يطالبون بالحريات بل يهتمون فقط بأوضاعهم المعيشية وكيفية مواجهة التضخم المتزايد، عدا أن الأكثرية تبحث يوميا عن القوت"

العدد 858 - الإثنين 10 يناير 2005م الموافق 29 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً