عاد المسرحي والكاتب المصري المعروف علي سالم المؤيد للتطبيع مع "إسرائيل" إلى تل ابيب مرة اخرى بعد زيارته في 1994 على رغم الحملة التي تعرض لها، وفي صوته نغمة انتصار بعد اتفاق التجارة الحرة، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقالت الصحيفة إنه على كرسي أصغر من مقاساته في مقهى في شارع شينكين، جلس المسرحي الساخر والكاتب المصري علي سالم وأخذ يراقب المارة الاسرائيليين راغبا في تحديد هوية "إسرائيل" من خلالهم، مشيرة إلى أن علي سالم لم يزر "إسرائيل" منذ سبع سنوات، إذ جاء إليها أول مرة في العام 1994 وصاغ انطباعاته منها في كتاب أسماه "رحلة إلى إسرائيل" "صدر بالعبرية أيضا"، وتعرض للملاحقة لمجرد قيامه بهذه الزيارة، وطرد من صفوف نقابة الكتاب ولكنه أعيد إليها بقرار من المحكمة، وعاد ليستقيل من صفوفها قبل عامين بقرار ذاتي.
وبينت الصحيفة أن المسرحيات الـ 23 التي ألفها لم تعد تعرض على المسرح المصري، ولم يعد الصحافيون في مصر يوافقون على نشر مقالاته، وكانت هذه عقوبته لأنه تجاوز وخالف "شيفرة" السلوك التي تعارض التطبيع مع "إسرائيل".
وقال علي سالم: "أنا الآن متفائل، متفائل جدا، فرجال الأعمال سيتاجرون مع "إسرائيل" في وضح النهار، والعمال المصريون يطلبون بجموعهم الحصول على فرصة للعمل في إطار اتفاق التجارة الحرة بين "اسرائيل" وأميركا ومصر، والشعب المصري يريد العيش برفاهية، ويبدو أنه قد بدأ يرى المستقبل في عيونه".
وذكرت الصحيفة أن علي سالم، الذي ذهب إلى "إسرائيل" للمشاركة في مؤتمر الإعلام الجديد الدولي في الشرق الأوسط بتنظيم مركز هرتسوغ لأبحاث الشرق الأوسط والدبلوماسية في جامعة بن غوريون، لم يخفف وطأة هجماته على خصومه السياسيين، تلك الأصوات المصرية التي صرخت بصوت مرتفع ضد تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، ليست أكثر من صرخة متلاشية وقبل عدة أيام جلست في مقهى قاهري فدخل أحد ما من التيار الناصري وأدى التحية أمامي قائلا: عاشت "إسرائيل"، فأجبته عاشت مصر. الآن أنت راض بالتأكيد، فقد انتصرت، قال لي.
ويولي علي سالم أهمية كبيرة لاتفاق التجارة الحرة الذي وقع، وهو عبارة عن انعطافة حضارية وثقافية في نظره، ودليله على ذلك هو ما كتبه في "روز اليوسف" المصرية والذي لم يكن بمقدوره أن ينشره قبل ثلاث سنوات. وقال: "أنا أشعر بعبق التاريخ قبل مدة قصيرة كتبت مسرحية هزلية عن أحد ما يقوم بزراعة رياح مستطيرة وشريرة في مزرعته، بطل قصته سأله اذا كان يستطيع أن يعطيه روحا من هذه الأرواح حتى يربيها في منزله كحيوان أليف، الشخص أخذه إلى منزله وعرض عليه الروح التي سيعطيه إياها، وقال له إنها تنمو وتترعرع على الخوف من الآخرين. هكذا هو الحال عندنا، مرة تقوم الصحافة بتحذيرنا من روح شريرة اسمها القمر الصناعي الذي سيدخل إلى منازلنا برامج غربية، ومن ثم حذروا من رياح الليبرالية المستطيرة، ولكن أكبر روح مستطيرة كانت الخوف من التطبيع مع "إسرائيل"، هذه الروح تلاشت الآن في صوت ضعيف واهن".
ولم يخف علي سالم أمر زيارته لـ "إسرائيل"، وحدث الجميع عن عزمه هذا من دون أن توجه اليه أية ملاحظات. والناس أرسلوا له رسائل تأييد ولم يعودوا يديرون ظهورهم له وانما أصبحوا يبدون الاهتمام فيما يحدث في "إسرائيل"!
ويسعى علي سالم للتأكيد أن كفاحه من أجل السلام هو كفاح من أجل المصلحة المصرية، ومن أجلها فقط. أما عن الادعاء بأن مواقفه هذه تضر بوحدة الصف العربي حتى وإن كانت تخدم المصلحة المصرية، فقال: "أنا لا استطيع أن أكون عربيا جيدا اذا لم أكن مصريا جيدا، ولا استطيع أن أكون مصريا جيدا إذا لم أكن عربيا جيدا، فمصر هي بيتي والعروبة هي حارتي، ولذلك من يحترمنا كمصريين إنما يحترمنا كعرب"
العدد 856 - السبت 08 يناير 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1425هـ