العدد 853 - الأربعاء 05 يناير 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1425هـ

الشريعة اليهودية ودولة اليهود

محمد بوفياض comments [at] alwasatnews.com

لم تكن قط دولة يهودية صرفت أمورها السياسية وفقا لأحكام الشريعة اليهودية، وعلى ذلك لا يستطيع معارضو فك الارتباط الزعم بأن الشرع يعارض خطة فك الارتباط.

هذا ما ورد في يومية "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية يوم 3 يناير/ كانون الثاني الجاري في مقال تحت عنوان: "الشريعة اليهودية ودولة اليهود" لشلومو أفنيري، العضو في حزب العمل والمحاضر في الجامعة العبرية.

وقال إنه في الجدل الحاد غير السهل على قضية فك الارتباط تعرض احيانا دعوى أن فك الارتباط يعارض الشريعة اليهودية ولهذا فالرجال المتدينون في توتر بين السماع لأمر مقدس وبين إطاعة قوانين الدولة، ولا تثبت هذه الدعوى لامتحان الواقع لمعنى الشريعة في تاريخ "إسرائيل".

وأضاف الكاتب: صيغت الشريعة بعد فقدان الاستقلال اليهودي وخراب البيت الثاني كإطار معياري مكن من وجود الجماعة اليهودية مع انعدام الدولة ومع انعدام إطار رسمي وقانوني ملزم كونها كذلك، لا ريب أن الشريعة والمؤسسات التي أقيمت وفقا لها كانت إحدى الأدوات الجلية التي انشأها شعب "إسرائيل" ومكنت من استمرار وجوده حتى في شتات طويل ومع انعدام السيادة واعتمادا عليها نشأت أطر جماعية، وترسخت صلاحية الفتوى الدينية، وتقررت الأحكام الشخصية وأحكام الأملاك، وسويت على قدر الإمكان، العلاقات بين الجماعات اليهودية والسلطات غير اليهودية، فلا ريب أنه لم يكن الوجود اليهودي في الشتات ليكون ممكنا، مع انعدام الشريعة اليهودية. ولكن هذه المسألة، على وجه الدقة الشريعة هي الوضع الشاذ للشعب اليهودي. لم تكن قط دولة يهودية صرفت بحسب قوانين الشريعة لا في أيام الهيكل الأول ولا في أيام الهيكل الثاني وليست الشريعة تسوي العلاقات مع مؤسسات السلطة اليهودية، بل مع مؤسسات السلطة غير اليهودية، وإذا كان حكماء "إسرائيل"، موسى بن ميمون وغيره، قد بحثوا أحكام الملوك، فقد كان هذا يتعلق بالطريقة التي سيقود بها الملك المسيح "المخلص" شعبه فيما يأتي من الزمن ولا تفكر الشريعة اليهودية، ولا هي تستطيع أن تفكر بوجود دولة يهودية ليست ثمرة الخلاص المسيحاني.

وبين الكاتب في مقاله أنه أحسن التعبير عن ذلك يشعيا ليفوفيتش الذي لا يستطيع حتى من يخالفه الرأي في موضوعات اخرى، إلا أن يوافقه على هذا الموضوع إذ قرر أن انعدام الوظيفة الرسمية الحقيقية لشعب "إسرائيل" كان الشرط والأساس لصوغ الشريعة على الشاكلة التي وصلت إلينا وكل الشريعة التوراتية التي تبحث الدولة والمجتمع لم تهدف قط لتحقق في الواقع التاريخي، بل كانت صورة مثالية لأيام المسيح. هذا التوتر كان أيضا من نصيب الصهيونية الدينية التي عرفت على الأقل حتى حرب الأيام الستة أن تميز بين استمرار التوقع المسيحاني وبين الواقع التاريخي البراغماتي لإنشاء دولة يهودية في هذا الزمن.

وقال الكاتب إن صيغة الصلاة الحذرة التي تعرف دولة "إسرائيل" التي قامت في العام 1948 كبداية نشوء خلاصنا تشهد على ذلك، ويمكن ويجوز أن نعارض خطة فك الارتباط لجميع أنواع الاسباب، الايديولوجية والبراغماتية أيضا ولكن لا يوجد في الشريعة رمز مهما كان صغيرا للطريقة التي على الدولة اليهودية أن تتصرف فيها في الواقع الحقيقي غير المسيحاني من العلاقات الدولية والأمنية المعقدة في هذا العالم وفي هذا الزمن وفي شئون كثيرة، كما في الأحوال الشخصية وأحكام الحلال، الجمهور غير المتدين مستعد لمهادنات بعيدة الأمد مع الجمهور المتدين، لأنه كان للشرع ما يقوله في هذه المسألة. أما في شئون الدولة فلا يوجد للشرع ما يقول، لأنه صيغ وبذلك قوته ومجده في الزمن الذي كان فيه شعب "إسرائيل" بلا دولة ومملكة. فلا يحاول تضليلنا بما لم يكن قط

العدد 853 - الأربعاء 05 يناير 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً