رسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني الخاص بهذه الزاوية تحمل ما رأيته استمراراً لموضوع العمالة الوافدة الذي طرحته بالأمس وشبهته بالاحتلال السلمي نظراً إلى تشكيل تلك العمالة أحياء سكنية وقطاعات تجارية تحتل مساحة شاسعة من أراضينا برضاً منا وقناعة من دون أن نفكر في تداعيات ذلك على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة تحديداً... سعد النعيمي قارئ متابع لصحيفة «الوسط» ومساهم بآرائه السديدة التي يطرحها في شكل مقالات غالباً ما تنشر في صفحة «كشكول» فتح جبهته المقالية هذه المرة في هيئة أسئلة ملخصها: من يحمي الكفلاء من العمالة الوافدة؟... لتنصب من تحت هذا العنوان الكبير مجموعة من الأسئلة تضمنتها رسالته الآتية:
«أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابة شافية نوجهها إلى من بيده وضع حد لهذا التلاعب المكشوف الذي يعاني منه كثير من المواطنين... مَنْ المستفيد من استمرار هذه الأمور على النحو الذي هي عليه الآن؟ وإلى متى؟ مَنْ هو رب العمل الحقيقي؟ مَنْ يمتلك الكلمة الأخيرة أمام الجهات الرسمية ولماذا يكون المواطن هو صاحب الموقف الضعيف أمام مَنْ يكفل؟ ما سلبيات قانون العمل التي جعلت منه قضية سهلة الاختراق من قبل العمالة الوافدة؟ هل تم صون ومراعاة حقوق المواطن (صاحب العمل) في سن القانون وهل هناك ضرورة الآن لتنقيحه؟ أم كون من وضعه وصاغه أجنبيا راعى فيه مصلحة (العمالة) من أقرانه في المقام الأول على حساب المواطن؟ هل لدينا فعلا قانون محكم ومرضٍ ينظم ويحفظ لكلا الطرفين حقوقهما؟ هل لدينا فعلاً جهة مختصة معنية فاعلة ومنظمة بيدها معالجة أمور العمالة السائبة والهاربة وخصوصاً إذا علمنا أنها تقدر بالآلاف؟ هل العمالة والظروف في الدول الأخرى مطابقة للتي هي عندنا حتى نستمد منها القوانين نفسها؟ لماذا كل القوانين والإجراءات المتخذة إزاء هروب العامل أو في حال عمله عند غير الكفيل الأصلي هي إجراءات رمادية ونتائجها غير ايجابية ما يوفر أرضية خصبة لتفاقم وتنامي هذه القضية؟ لماذا لا تحدد المسئولية بشكل واضح لا يحتمل التأويل والتسويف ولماذا إجراءات الجهات المعنية ومتطلباتها وحلولها تعجيزية؟ من المسئول عن خسائر صغار الكفلاء؟ هل هناك تعاون وتنسيق بين الجهات المختصة يصب في معالجة هذه القضية؟ أليس من الأجدى تحميل المسئولية الكاملة من تستر على العامل أو شغله بغير عقد سليم أو اتفاق مبرم وتغريمه كل النفقات لصالح الكفيل الأصلي لأنه المتضرر الأكبر وليس لأية جهة أخرى؟ لماذا تشترط الجهة المعنية ضبط العامل من قبل موظفيها فقط، كشرط وحيد لمحاسبة المتستر حتى لو استدل الكفيل بإثباتات أخرى؟ ألا تعتقدون أن تجاهل هذه القضية المهمة وتركها تسير على النحو الذي هي عليه الآن ترغم الكثيرين منا على الانصياع والاستسلام لضغوط هذه العمالة والقبول بالأمر الواقع المر؟
وبعد أسئلتك يا سعد، هل توافقني الرأي بأننا احتُللنا سلميا من تلك العمالة ونحن غافلون؟... فسؤال واحد مزدوج طرحته من جملة من الأسئلة المؤلمة وهو «من يمتلك الكلمة الأخيرة أمام الجهات الرسمية ولماذا يكون المواطن هو صاحب الموقف الضعيف أمام من يكفل؟» كان كمثل القشة التي قصمت ظهر البعير بكشفها لأصل الجرح الذي ربما أنا أول من حاول التخفيف من وطأته بقولي إننا في طريقنا إلى الوقوع في براثن احتلال تلك العمالة ليكشف لي سؤالك يا سعد أننا محتلون فعلا ولكنا مازلنا نكابر... وإلى متى سنكابر وعلى ماذا؟!... لا أدري! فكل ما يجري دلائل وبراهين على أن أرضنا احتلها الغرباء واستفردوا بخيراتها ورموا لنا بالفتات... فما الفرق بيننا وبين العراق وفلسطين؟! للأسف يا سعد اننا إلى الآن لم ندرك أن الأسلحة أنواع وأشدها فتكاً ما زرع في أرضنا ليحفر لنا طريقاً إلى القبور بعد أن جعلنا ندمن على حقن الصمت والغفلة عما يسلب منا سكناً وعملاً ولقمة ومنصباً... وقبل كل ذلك... أرضاً
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 846 - الأربعاء 29 ديسمبر 2004م الموافق 17 ذي القعدة 1425هـ