تبدو الطعون في دستورية المراسيم الثلاثة (السلطة القضائية، الإجراءات الجنائية، المطبوعات والنشر) وجيهة، ما يعطي أهمية بالغة للحيثيات التي ستوضحها المحكمة الدستورية في رفضها للطعون. وعلى الأرجح، فإن المادة (121 - ب)، ستكون مدار هذه الحيثيات. وهي تنص أنه «استثناء من حكم الفقرة الثانية من المادة (38) من هذا الدستور يبقى صحيحا ونافذا كل ما صدر من قوانين ومراسيم بقوانين ومراسيم ولوائح وأوامر وقرارات وإعلانات معمول بها قبل أول اجتماع يعقده المجلس الوطني...». هذه المادة تحصن كل القوانين الصادرة قبيل انعقاد المجلسين في 14 ديسمبر/ كانون الأول .2002 وبحسب المذكرة التفسيرية، فإن ذلك لا يقتصر فقط على القوانين التي صدرت في ظل غياب المؤسسة التشريعية بين أغسطس/ آب 1975 وفبراير/ شباط 2002، وإنما يشمل التحصين القوانين التي صدرت بين 14 فبراير 2002 (موعد نشر الدستور الجديد)، و14 ديسمبر 2002 (موعد انعقاد البرلمان).
وبحسب منطق بعض المحامين، فإنه بغض النظر عما إذا كانت هذه المادة مقنعة أم لا، فإن المحكمة الدستورية ملزمة بأخذها في الاعتبار حين تدرس الطعون. بيد أن المحاججة قد تكمن في موقع آخر. فمالذي يخول السلطات إصدار مراسيم بقوانين، بين فبراير وديسمبر 2002، مادامت المؤسسة التشريعية ستنتخب بعد حين. إذ يمكن تفهم صدور قوانين منظمة للعملية الانتخابية، فإن صدور أكثر من خمسين قانوناً، غير ملحة، لا يمكن إلا أن يكون متعارضا والمواد الدستورية التي تعطي صلاحية التشريع للمجلسين. المادة (121 - ب) لا تعطي تخويلا مفتوحا لإصدار قوانين من دون ضوابط، وفعل ذلك يمكن أن يفسر على أنه سوء استخدام للسلطة. إن جوهر المادة يستقصد تفادي حدوث فراغ قانوني هائل، بإسقاط قوانين صدرت قبل إبان حل البرلمان، هذا هو الأصل، واستثناء تسري المادة على القوانين التي يكون صدورها ملحا لتسيير الحياة السياسية، وغير ذلك لا يبدو أن المادة تشمله، بما فيها المراسيم الثلاثة
العدد 845 - الثلثاء 28 ديسمبر 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1425هـ