مثير للانتباه رد الحكومة بالرفض على الاقتراح برغبة بشأن تشكيل هيئة عليا للتخطيط، ذلك أن الاقتراحات التي يوافق عليها المنتخبون ليست ملزمة إلى الحكومة، وقد اعتادت السلطة التنفيذية «تطنيشها» وتجاهلها، مستندة إلى الدستور، الذي لا يلزمها بموعد الرد، كما تقول. إذ تنص المادة (68) من الدستور على أن «لمجلس النواب إبداء رغبات مكتوبة للحكومة في المسائل العامة، وإن تعذر على الحكومة الأخذ بهذه الرغبات وجب أن تبين للمجلس كتابة أسباب ذلك»، بيد أن المادة سكتت عن موعد هذه الكتابة، ما يعني أنه يمكن للحكومة الرد بعد ثلاث سنوات، كما فعلت في ردها على اقتراح «الهيئة» المقدم من كتلة الديمقراطيين منذ الدور التشريعي الأول، أو أن ترد بعد عشر سنوات، أو ألا ترد أصلا، وهو ما تفعله في غالبية المقترحات. فبينما رفع النواب إلى الحكومة نحو 157 اقتراحا، فإن الأخيرة لم ترد إلا على عدد قليل منها.
الاقتراحات برغبة صلاحية لا يتمتع بها المجلس المعين، وهي على الأرجح تصنف ضمن الصلاحيات الرقابية، كما يتضح من مكان تبويبها في اللائحة الداخلية لمجلس النواب، التي تدعم نصوصها موقف الحكومة اللامبالي بالمقترحات، إذ لا تحدد هي الأخرى سقفا معينا للرد. ويدعو مراقبون النواب إلى تضمين لائحتهم مادة تدعو الحكومة إلى الرد على مقترحاتهم في موعد معلوم، كما فعلت الحكومة حين حددت سؤالا واحدا في الشهر لكل نائب، مع أن الدستور جعل طرح الأسئلة مفتوحا.
أعود إلى الرفض الذي يبدو استثناء من قاعدة «التطنيش». إذ لابد من السؤال عن أسبابه. فدعك من أن الحكومة لا تخطط، وهو أمر ليس محل نقاش، كما يدل على ذلك التدهور الحاصل على مستويات كثيرة... التطنيش يمكن فهمه، ربما، أما الرد فيحتاج فهمه إلى درس نفسية الحكومة التي تحب التفرد، ولو على حساب مستقبل الأجيال
العدد 842 - السبت 25 ديسمبر 2004م الموافق 13 ذي القعدة 1425هـ