الحديث السابق عن المواطنة البحرينية يدفعنا للحديث عن المواطنة الخليجية المشتركة التي يجب على مجلس التعاون الخليجي النهوض بها وتحقيقها على أرض الواقع. واشكال المجلس الراهن يظهر بشكل واضح في العلاقة بين مواطني الدول الأعضاء في المجلس من ناحية ومجلس التعاون كمنظمة إقليمية من ناحية أخرى، فهذه العلاقة - إن صح التعبير - لم تقم على حقوق وواجبات ومشروعات بين الطرفين، وإنما قامت على شعارات منذ تأسيس المجلس في العام 1981.
وهو ما أدى لاحقاً إلى خلق حال من الإحباط والتذمر وتراجع صدقية المجلس لدى عموم مواطني الدول الأعضاء، وحان الوقت للتحرك من أجل إيقاف هذه المعضلة قبل أن تتفاقم خلال السنوات المقبلة. فمطالب شعوب الخليج ليست بعيدة المنال عن أرض الواقع، وليس من الصعب تحقيقها باستثناء تلك التي تنادي بتحجيم دور الحكومات وإنشاء دولة خليجية موحدة بشكل فوري.
بالطبع فإن المجلس يواجه مشكلات وتحديات عدة في عمله بالمحيط الإقليمي الذي نشأ فيه، ولكن ثمة مقترحات بالإمكان أن تزيد من الترابط بين شعوب المجلس ويمكن تحقيقها، وهي في الوقت نفسه كفيلة بإيقاف أية مطالب راديكالية تبدأ من ضرورة حل المجلس إلى المطالبة بتوسيع نطاقه الجغرافي بظروفه الحالية. والسبب في ذلك أنها مرتبطة بمسألة خلق هُوية مشتركة لأبناء الخليج، وخصوصاً أنه منذ تأسيس المجلس كان هناك شعور لدى المواطنين بانتمائهم لدولهم وليس انتمائهم للمنطقة أو للمجلس كمنظمة، وهو ما يعني وجود إشكال في عدم توافر أدنى مقومات الهُوية الخليجية المشتركة بشكل حقيقي بعيداً عن الشعارات والترميز.
ولذلك فإنه لابد من طرح مقترحات من شأنها تدعيم أي توجه لتكوين الهُوية الخليجية المشتركة. وأولى هذه المقترحات إقرار جواز خليجي موحد بدلاً من إحالة المجلس الأعلى مقترح توحيد بيانات جوازات السفر للدول الأعضاء إلى مزيد من الدراسة. بالإضافة إلى مشروع السماح بالتنقل بين بلدان مجلس التعاون بالبطاقات الشخصية وإلغاء أختام العبور. أيضاً من المشروعات المهمة التي يجب تفعيلها توحيد المقررات الدراسية الأساسية في المراحل الدراسية كافة داخل الأنظمة التعليمية في بلدان المجلس مع التركيز على تدريس تاريخ دول المجلس ومراحل تطور المجلس وأهميته لمستقبل الطلبة.
إلا أن أهم المشروعات على الإطلاق هو الإسراع في دراسة إنشاء شبكة ربط من الطرق والقطارات السريعة بين المدن الرئيسية في المنطقة. وقد يكون المشروع الألماني الذي طرح قبل فترة جيداً إذا تمت دراسته من مختلف الجوانب، فإنشاء القطار المغناطيسي السريع من شأنه أن يسهل التنقل بين دول الخليج ويزيد الترابط الاقتصادي والاجتماعي فيه. الأمر الذي سيؤدي إلى شعور المواطن الخليجي بوجود علاقة بينه وبين المجلس بسبب جهود الأخير في توفير هذه الخدمات. وبمرور الوقت فإنه بالإمكان القيام بمشروعات أخرى وتطوير آليات معينة تساعد على تفعيل دور مجلس التعاون في خلق المواطنة الخليجية المشتركة
العدد 838 - الثلثاء 21 ديسمبر 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1425هـ
