فور تأسيس المجلس الأعلى للمرأة اعتقد كثيرون بأن هذه الخطوة جاءت في مواجهة احتمالات تزايد قوة الجمعيات النسائية وخصوصاً ذات التوجهات السياسية في المجتمع، ما دفع ببعض القيادات النسائية إلى التحفظ على المجلس واتخاذ مواقف متباينة تجاهه.
إلا أن أداء المجلس منذ بداياته في العام 2001 وحتى الآن أثبت قدرته على التعاطي مع كثير من القضايا المتعلقة بالمرأة. وخصوصاً فيما يتعلق بحفزها نحو المشاركة السياسية وتمكينها في ضوء الأوضاع التي أكدها تقرير التنمية الإنسانية العربي، ومثل هذا التوجه يسجل بالطبع لجميع القائمين على المجلس.
ومن خلال متابعة نشاط المجلس يمكن الإشارة إلى عدد من القضايا والمسائل التي يدعو الإنصاف إلى طرحها. وفي مقدمتها سمة تميّز أداء المجلس، إذ يعد أكثر المؤسسات الحكومية اهتماماً بإجراء الدراسات العلمية عن مختلف الظواهر المرتبطة بالمرأة والأسرة البحرينية ليتم لاحقاً تحديد طبيعة الأنشطة والمشروعات التي يعتزم المجلس القيام بها في ضوء نتائج هذه الدراسات كما هو الحال بالنسبة لمسألة تقنين الأحوال الشخصية ومسألة إخفاق المرأة البحرينية خلال مشاركتها في الانتخابات البلدية والنيابية. ومثل هذا التوجه ينبغي الاستفادة منه في وزارات الدولة الأخرى خصوصاً تلك التي تتخبط في عملها وبحاجة إلى نمط علمي من العمل الحكومي.
المسألة الأخرى هي الاهتمام الكبير الذي أولاه المجلس تجاه قضية تمكين المرأة البحرينية سياسياً، وهي قضية مهمة للغاية شغلت حيزاً كبيراً من اهتمامات المراقبين فور التصديق على ميثاق العمل الوطني والإعلان عن اقتراب موعد الانتخابات البلدية والنيابية خلال العام 2002. ففي تلك الفترة ظهرت الكثير من التفاؤلات بشأن مشاركة المرأة وحجم الوعي السياسي الذي تتمتع به، إلا أن تلك الآراء بنيت على المستوى المعرفي والتعليمي والوظيفي الذي وصلت إليه المرأة وأغفلت تماماً المواقف المختلفة السائدة في المجتمع المحلي تجاه المرأة. فإذا كانت المرأة ذات كفاءة ومعرفة وخبرة فإن هناك بنى تقليدية كثيرة لن تساهم في إنجاحها وتدعم مشاركتها السياسية.
ولذلك فإن اهتمام المجلس الأعلى للمرأة بهذه القضية جاء في وقته، ولابد على المجلس أن يقف على نتائج أية دراسة تتناول هذا الموضوع، لأنه لا يمكن معرفة الأسباب والعوامل الرئيسة التي أدت إلى إخفاق المرأة وأصبحت عائقاً أساسياً أمام عدم نيلها فرصتها الحقيقة في المجتمع إلا من خلال دراسة البنى التقليدية في المجتمع وأنماط تفكيرها وبحث كيفية تغييرها بشكل إيجابي.
مثل هذه القضية والمجال الواسع فإنه بإمكان المجلس أن يلعب دوراً كبيراً في تحفيز المرأة البحرينية على المشاركة السياسية وزيادة مساهمتها في المجتمع بعد أن ظلت هذه المشاركة مقتصرة على النخب النسائية منذ بداية الانفتاح. كما أن هذا الدور مازالت تنتظره قواعد عريضة تعد مجالاً خصباً للعمل والنشاط فيها وهي فئة الشابات، فهذا الجيل مازال بعيداً عن المشاركة السياسية، وإذا كانت جامعة البحرين تساهم في دفع الطالبات نحو هذه المشاركة عن طريق انتخابات مجلس الطلبة السنوية فإنه لابد من نقل هذه القدرات والإمكانات إلى خارج أسوار الجامعة وصولاً إلى مرحلة تنافس جندري في المشاركة السياسية بمختلف أشكالها داخل النظام السياسي البحريني.
وبالتالي فإن التوجهات الراهنة للمجلس تشير إلى إمكان أن يلعب دوراً هاماً في المجتمع بعد أن قام بإعداد تقرير مملكة البحرين بشأن مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واستحدث جائزة لتمكين المرأة، بالإضافة إلى تبنّيه برنامجاً متكاملاً لتمكين المرأة البحرينية على صعيد المشاركة السياسية، واهتمامه أخيراً بدراسة آثار إصلاح سوق العمل في البلاد على المرأة البحرينية
العدد 831 - الثلثاء 14 ديسمبر 2004م الموافق 02 ذي القعدة 1425هـ