انتهت الأزمة الأوكرانية التي امتدت قرابة ثلاثة أسابيع منذ اندلاعها إثر إعلان اللجنة الانتخابية فوز فيكتور يونكوفيتش بانتخابات الرئاسة، الأمر الذي أشعل شرارة غضب المعارضة التي توجد في الجانب الغربي والمدعومة أميركياً وأوروبياً، وأقسمت حينها على أنها لن يخلد للراحة بالها حتى تتمكن من إزاحة يونكوفيتش عن طريق الرئاسة وتعيين زعيمها فيكتور يوتشينكا بدلاً منه.
شابت مرحلة الاحتجاجات تظاهرات وتجمعات أطلقت نذير حرب على وشك أن تشعل العاصمة كييف لولا حزمة المفاوضات والمشاورات التي سرعان ما أقرتها المحكمة العليا وأعلنت زيف النتائج الانتخابية السابقة التي جرت في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إضافة إلى مساعي الاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا من جهة أخرى التي خافت على مصيرها الأمني الذي جاهدت لضمان وجوده بديلاً من التدخلات الأجنبية، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية ونية الأخيرة التي جهرت بها بإعرابها عن تأييدها لزعيم المعارضة، في وقت استنكرت فيه حالات التزوير التي شابت عملية التصويت والفرز.
جاء البرلمان ليضع النقاط على الحروف ويعيد صوغ مستقبل جديد تتأهب أوكرانيا لخوضه في يوم 26 من الشهر الجاري عندما وافق على قانون - رفضه الرئيس يوتشينكا مراراً - ينص على تقليص سلطات الرئيس «السلطة التنفيذية» وجعل القرارات بيد السلطة التشريعية والبرلمان ممهداً لانتقال البلاد إلى مرحلة نظام جمهوري برلماني بدلاً من نظام رئاسي رزحت كييف تحت وطأته إبان حقبة الاتحاد السوفياتي.
تداعيات الأزمة الأوكرانية قضّت مضجع «الدب الروسي» الذي سرعان ما استوعب رئيسه فلاديمير بوتين الخطر الذي يقترب من تقويض أطراف بلاده فسارع في جولة آسيوية وأوروبية شملت الهند وتركيا لاستقطاب توجهات وآراء يجدها العون المقبل للتصدي لامبريالية أميركية تدنو تدريجياً إلى الأراضي الروسية ويقلص التحرك الذي طالما كان صلب الصراعات الدائرة ابان الحرب الباردة قبيل انهيار الاتحاد السوفياتي لدويلات، فبين التوجس الروسي والتقرب الأميركي تقف أوكرانيا نقطة وسط لتحقيق مصلحة استراتيجية تعيد إلى ذاكرة القارئ عبارة «البقاء للأقوى»
إقرأ أيضا لـ "أنور الحايكي"العدد 826 - الخميس 09 ديسمبر 2004م الموافق 26 شوال 1425هـ