يتحدد دور القوى الاجتماعية/السياسية بموقع ومكانة تلك القوى على أرض الواقع، وجمعية الأصالة كتيار عريض القواعد، ذي بنية سياسية (كتلة نيابية من خمسة أعضاء) يجب أن يكون لها دور غير الدور التقليدي أو بكلمة أكثر وضوحاً: «الاستتباعي» الذي يمارس الآن.
يتم قياس الممارسة السياسية بنتائجها، والذي رشح من ممارسات أعضاء المجلس النيابي - لحد الآن - لا يبشر بخير بالنسبة إلى الكتل التي شاركت في الانتخابات. وبغض النظر عن الأفكار والمعتقدات الدينية التي تتبناها أية جماعة، فإن مقياس ووسيلة التعيير بالنسبة إلى جمهور الناخبين هو ما قدمته تلك الكتلة أو هذا العضو على أرض الواقع. وبالتالي، على «جمعية الأصالة» أن تمارس السياسة على أنها عملية تصارع وتنازع وتغالب ومناورات مع الطرف الرئيس في الساحة (الحكومة)، ذلك أنه كما وللحكومة أدواتها فإن «للأصالة» أدوات لا تقل تأثيراً عن أدوات الحكومة؛ ولكن لا تستخدمها بالأسلوب الأمثل في الممارسة السياسية الراهنة، فأداة الضغط الجماهيري وأداة المجلس النيابي لم تستخدمها «الأصالة» في الكثير من المواقف والمواقع، وفي المشكلات الرئيسية التي يعاني منها المجتمع.
«الأصالة» طرحت (مشروع الضمان الاجتماعي)، وفي اعتقادي الشخصي أنه أقوى المشروعات التي طرحت في مجلس النواب، سواء باعتماد مقياس أكثرية الفئات المستفيدة منه، أو من خلال إضافة لبنة أساسية في بناء دولة الكرامة الإنسانية والاحترام لآدمية البشر، وعلى رغم أن الإسلام قد تناول مسألة الضمان الاجتماعي من عدة نواح وبحسب أحوال الناس في ذلك العصر، فإنه مع تشعب مجالات الحياة واختلافها عن السابق سواء في علاقات الأفراد بعضهم بعضاً أو علاقاتهم مع الدولة، فإن مقترح قانون الضمان الاجتماعي، والذي ستستفيد منه (12) فئة بحسب التصنيف المشار إليه في المقترح، يلبي طموح القواعد الشعبية. فإن السؤال الذي يرشح من الخيبة السياسية الحالية هو: كيف العمل لتطبيق المقترح في ضوء آلية التشريع الحالية؟
«كتلة الأصالة» لا يكفيها الفخر بتقديم المقترح، بل يجب عليها ابتكار أدوات ضغط لتمرير المقترحات. تلك الأدوات/الآليات تستوجب قيام تحالفات من نوع مختلف عما هو قائم الآن... إذ أثبتت التجربة أن ممارسات دورين منصرمين، من حياة المجلس النيابي، لم تقدم فيهما الكتل السياسية شيئاً للناخبين وجماهير الشعب...
وأحد اسباب عدم الفاعلية السياسية في المجلس يعود إلى ما ذكرناه في الفقرة الأولى من الحديث (ممارسة السياسة بالشكل «الاستتباعي» أو «الاستجدائي» من قبل البعض).
ومهما يكن واقع التعامل في المجتمع (الدولة أو الناس) متخلفاً، إلا أنه لا يمكن الركون إلى هذا التخلف وعدم القانونية وبالتالي مسايرة الوضع القائم؛ بل يجب على الكتل السياسية في المجلس النيابي التعامل بقانونية بحتة وبممارسة السياسة الشرعية الأخلاقية بغطاء قانوني لبناء الدولة الحديثة، والتأسيس لدولة القانون والعمل المؤسساتي في أهم مرفق (مجلس النواب) من المفترض فيه حماية وتطبيق القانون، وتنمية العمل المؤسساتي في مرافق الدولة المختلفة والمتخلفة.
المنتظر من «الأصالة» أن تبرهن على صحة موقفها في «الترويج» و«التعبئة الشعبية» للإنتخابات النيابية، وهي أمنية صعبة المنال إزاء حائط الصد التشريعي في دستور 2002، ويزيد من تعقيد الأمر تصلب الحكومة، في النواحي المالية تحديداً، ذات الأثر المباشر في حياة الناس. هذا إن أرادت الأصالة الاحتفاظ بولاء قواعدها الشعبية، وتفعيل دورها كتنظيم سياسي.
عطني إذنك...
الأخ النائب عيسى المطوع، أرجو مواصلة حماسك بشأن إصلاح الأوضاع في قطاع الصحة ومجمع السلمانية تحديداً، فهناك مشكلات تدل على غياب الرقابة الإدارية للمسئولين
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 825 - الأربعاء 08 ديسمبر 2004م الموافق 25 شوال 1425هـ