العدد 82 - الثلثاء 26 نوفمبر 2002م الموافق 21 رمضان 1423هـ

مجلس النواب هيئة تشريعية

عبدعلي الغسرة comments [at] alwasatnews.com

الديمقراطية تعني سلطة الشعب، وهي القناة الاساسية للمشاركة الشعبية في صوغ القرار الوطني. ومن صور الديمقراطية وجود البرلمان أو المجلس الوطني، وهي الديمقراطية الشعبية التي تقوم على انتخاب الشعب لمجموعة من الأفراد انتخابا حرا ومباشرا إذ يمارس هؤلاء السلطة باسم الشعب ونيابة عنه بجانب الهيئة التنفيذية.

ويقوم هذا البرلمان بعدد من الوظائف:

1- الوظيفة التشريعية، وهي سن التشريعات والقوانين التي تطرح عليه من قبل الهيئة التنفيذية أو من أحد اعضاء البرلمان.

2- الوظيفة الرقابية، إذ يقوم البرلمان بمراقبة أعمال الحكومة ومناقشة سياساتها المختلفة.

3- الوظيفة المالية، بابداء الموافقة على موازنة الدولة المالية والقروض العامة والتعهدات المالية الأخرى.

وهذه الوظائف تعتبر ضمانا لاستقامة السلطة التنفيذية وخضوعها لقرارات البرلمان الذي يختص بدور المساءلة لجميع الوزراء وبأعمال كبار موظفي الدولة. ذلك ما يعمل على محاربة الاستبداد الوظيفي والفساد المالي والاداري، وتكون هذه المحاسبة والمساءلة والمراقبة حاجزا لمنع تخطي وتجاوز نصوص ومواد الدستور. ومتى التزم الحاكم والسلطة التنفيذية بنصوص ومبادئ الدستور، فلا خلاف على نوعية واسلوب النظام السياسي الحاكم.

وبعد سنة واحدة من ميثاق 14 فبراير/ شباط 2001م، والشعب ينتظر أن تثمر شجرة الميثاق كل ما تمناه أن يحصل من نشر الحرية والديمقراطية وسيادة القانون في البلاد، وأن يتم تحقيق الرابطة السياسية الحقيقية بين القيادة السياسية وأبناء البلاد وذلك بجعل الهيئة التشريعية بيد مجلس النواب حتى يصبح هيئة تشريعية اساسية لا هيئة استشارية ومن الدرجة الثانية، ما يؤدى إلى غياب المشاركة الحقيقية والواعية والجادة في صوغ القرار الوطني.

لأن الدور الأساسي والأول لمجلس النواب هو التشريع واصدار القوانين، كما أن هناك فرقا جليا بين دور عضو الهيئة الاستشارية في مجلس الشورى ودور عضو الهيئة البرلمانية في مجلس النواب. فعضو مجلس الشورى يعتبر عضوا تابعا إلى السلطة التي عينته ولا تتجاوز استشارته نطاق الدور المحدد له، بينما عضو الهيئة البرلمانية تم انتخابه شعبيا وهو لا يعمل ضد الحكومة ولا هو مناوئ لسياستها وانما هو عين الشعب على هذه الحكومة.

ومتى اصبح دور مجلس النواب دورا استشاريا فقط، آلت جميع مقاليد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى السلطة التنفيذية. إذ ينوط بمجلس النواب الرأي الموافق لما جاء في نصوص ومبادئ القوانين التي يقترحها حاكم البلاد. وهو الدور الحقيقي الذي يلعبه مجلس الشورى بتأييد اعضائه المطلق والمستمر لجميع التشريعات والقوانين التي آلت إليه من السلطة التنفيذية كون استشاراته لا تتخطى حاجز المعارضة على تلك التشريعات والقوانين ومن ثم رفضها.

وهذا الدور الميت والجامد لا يتوافق مع ابجديات ومبادئ عمل البرلمان، اذ أن اعضاءه يعملون اثناء مناقشتهم للتشريعات والقوانين على التوازن بين تلك النصوص والمواد القانونية ومدى واقعية تطبيقها على المستوى السياسي والاداري والقضائي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد. ما يحقق الاستقامة والمساواة والعدل، والسعي نحو بناء هيكلية سياسية تأخذ في الاعتبار متطلبات عصر الانفتاح واستحقاقاته الديمقراطية.

إن ضرورة تفعيل الميثاق في بنوده التي تعطي الأولوية التشريعية لمجلس النواب وجعل السلطات العامة خاضعة للمستحقات الدستورية، يعمل على تقوية جميع المؤسسات بما فيها السلطة التشريعية، ويجعلها ذات فاعلية واستقلالية. والمستقبل السياسي البحريني منوط بتلاحم جميع القوى السياسية فيه وبالنظرة الأمينة الجادة إلى مستقبله، والسلطة التنفيذية وبقيادة مليكها المعظم قادرة على تجنب حوادث الشقوق في جدار الشفافية التي تتسرب منها بذور الانشقاق الاجتماعي، وهي قادرة بلا شك على السير في نهج الاصلاحات وعلى اسس ديمقراطية وسياسية وانسانية ووطنية لشحذ الارادة الوطنية لبناء مملكة البحرين الأكثر مناعة واستقرارا وتسامحا والقادرة على توفير الحرية والأمان للانسان.

لذلك، لابد من شروط اولية لتفعيل النهج الديمقراطي في البحرين، ومن ابجديات هذه الشروط ان يكون البرلمان هيئة تشريعية وليس استشارية، وأن يمارس البرلمان دوره التشريعي كاملا من دون انتقاص من سيادته في تشريع القوانين بما فيها الرقابة الادارية والمالية والموازنة العامة والمساءلة لكل من تكلف بالوظائف العمومية الكبرى في البلاد.

وتلك الشروط لا يمكن ان تؤدي إلى الانتقاص من دور الدولة والحكومة بل هي ليس أكثر من تفعيل المشاركة الشعبية في صوغ القرار الوطني وهو ترجمة حقيقية للنهج الوطني ولمسيرة الاصلاحات التي بدأها ويقودها عظمة ملك البلاد المفدى

العدد 82 - الثلثاء 26 نوفمبر 2002م الموافق 21 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً