تطرح الجمعيات السياسية والفكرية الفاعلة ما تؤمن به من قيم ومبادئ على شكل برامج ومواقف في شتى المناحي والمستويات، وعليه فمن الطبيعي أن تسعى وتناضل (هي كمجموع أو أعضاؤها كأفراد) من أجل نشر وتطبيق تلك البرامج والمواقف على أرض الواقع (وذلك لتقريب الواقع، للصورة المثالية المتخيلة والمأمونة) ومن هذا المنطلق يأتي الدخول والصراع في مؤسسات المجتمع المدني من بديهيات الوصول إلى مراكز التأثير والقرار.
وأرى في الرأي الداعي الى خلو مؤسسات المجتمع المدني من أعضاء لهم انتماءات سياسية وفكرية فيه الكثير من الاستحالة، بما يتمناه من أعضاء «فقع» لا جذور لهم ولا أي هوية، وهذا طرح مجاف للواقع وغير ممكن والأكثر منه، تلك الامنية الاخرى بألا يسعى الأعضاء المنتمون سياسيا أو فكريا إلى نشر أو تطبيق ما يؤمنون به في تلك المؤسسات، وان يكونوا بلا رأي وبلا لون وبلا طعم (يعني حتى الفقع يطلع أحسن منهم) درءاً لهم من تهمة التسييس، تلك التي تكون من أعظم الكبائر فقط عند الهزيمة وفوز الغريم، نعم هذه «التهمة» تردد في زمن الهزيمة - فقط لا غير - نكاية بالمنتصر الفائز وتستبدل عند انقلاب الحال الى جمل ومصطلحات تفيض بالمعاني والدلالات الايجابية على غرار انتصار الإدارة الجماهيرية الحقة وغيرها الكثير.
واسترسالاً في الأمر ولايجاد ثغرات على الرأي الآخر، يأتي انتقاد أي شخص من التيار الآخر «شاباًّ كان أو موظفاً» لإبداء رأيه في أي شأن لا يرتبط به بشكل كلي ومباشر، فلا يحق - مثلا - لاحد في المجتمع ابداء رأيه في الاتحاد النسائي غير النساء! وكذلك لا يمكن لاحد انتقاد عدم رصف احد الطرق ان لم يكن مهندسا ومن سكان المنطقة نفسها! والاغرب في الامر هو انطباقه على قائله ايضا «فهل هم طلبة؟» وأنى له الاستئثار بهذا الحق وحجبه عن الآخرين؟
أما بشأن انتقادات اللجنة التحضيرية لاتحاد الطلبة، فيمكن القول ان اللجنة التحضيرية لاعادة تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين وكذلك أعضاءها لا يمثلون اتحاد طلبة (ولا يدعي أحد منهم ذلك) انما لهم هدف التحضير لتأسيس اتحاد الطلبة، والذي يتم السعي لأن يكون منتخبا من الطلبة أنفسهم وبارادتهم الحرة.
أما مسألة التمثيل والمحاصصة في مقاعد اللجنة التحضيرية فقد كان لها سبب وهو الإيمان بضرورة اشراك جميع الاطياف والتيارات في المساهمة والعمل على ايجاد هذا المشروع الوطني الكبير وما تتضمنه الفكرة من قوة (على غرار فكرة الكتلة التاريخية) وأن تعمل جميع التيارات الفاعلة في وطننا متضامنة (على رغم اختلافاتها الأخرى) على هدف واحد وهو تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، اضافة إلى ما يفرزه هذا الأسلوب من تمثيل غير مباشر للقوى الطلابية الفاعلة.
أما مسألة عدم انتخاب اللجنة التحضيرية مباشرة من قبل الطلبة، فذلك كان بناء على قراءة الواقع ومعطياته والعمل ضمن حدود (الممكن) فالاعلان والدعوة لانتخاب هيئة (اللجنة التحضيرية) من دون اي سند قانوني لها أو مساحة من الاباحة في عرف البلد، ينطوي على مجازفة اجهاض المشروع بكامله كما فيه مخاطرة بالطلبة المشاركين في الانتخابات او الفائزين وعدم الرغبة في ايجاد مستمسك على المشروع، وذلك بملاحظة العراقيل أمام حركة الاتحادات بشكل عام، ورغبة في تأصيل العمل بالنظام والقانون مع قصوره اضافة الى خسارة أخرى. تجدر الاشارة اليها وهي فقدان التفاعل ومساهمة التيارات التي لن تصل إلى اللجنة التحضيرية مع المشروع، كما لو كانت فيه وستخرج بعدها انتقادات بأن طيفاً معيناً تحكم في المشروع وصاغة بحسب هواه وميله.
أما بالنسبة إلى المجالس الطلابية فلا يوجد تيار لا يرغب بدخول طلبته في هذه التجربة مع مجمل الاحباطات التي تكتنفها - حتى الآن، وعليه يبرز سؤال: لماذا أو لمن تتم الدعوة للمشاركة في تجربة المجالس الطلابية؟ علما بأن السائد هو اعتماد العمل المتوازي بين التجربتين (تأسيس اتحاد الطلبة والمشاركة في المجالس الطلابية) انطلاقاً من الحرص على تحقيق أقصى المصالح الطلابية وتكميل نواقص وثغرات كل منهما
العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ