تواصلاً مع قراءة سابقة لواقع الجمعيات السياسية، ومن أجل الرقي بالحراك السياسي في البلاد، إذ النقد البناء هو المطلوب في هذه المرحلة القصيرة من عمر الجمعيات السياسية، وممارستها للعمل السياسي العلني.

- العمل الوطني الديمقراطي، تقوم بنشاط حزبي واضح في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى الساحة الشعبية؛ إلا أن الملاحظة الرئيسية مازالت الجمعية مبتعدة عن المزاج العام للشارع البحريني، فإن دعوة شخص يبدأ حديثه بالهجوم على شخصيات دينية أمر غير مرغوب فيه عند رجل الشارع ولا يخدم القضايا المصيرية للمواطنين، ولا يخدم التحالفات التكتيكية المرحلية (وإن ساق إبراهيم شريف تبريرات لذلك من أن الجمعية ليس شرطاً أن تتبنى وجهة نظر من تدعوه للحديث!) وكذلك الحال مع شعارات المرحلة السابقة والتي لا تتناسب والجو العام للناس في البحرين اليوم. ومن الضروري الانفتاح على الشارع بلا ازدراء لأفراد يعتبرون رموزاً للجماعات الأخرى، وعلى الأخص أن الجمعية لديها الكثير من الأصدقاء والمناصرين الذين لا يحبذون مثل ذلك العمل. الأهداف الكبيرة والتطلعات التي يحملها أعضاء الجمعية تتطلب تغيير الوسائل مع كل مرحلة جديدة، فالوعي العام في الماضي يختلف عنه في الحاضر. ويبقى كذلك ان مجهودات الجمعية تصبح هباءاً منثورا في ظل سياسة المقاطعة القائمة حالياً!

- التجمع الوطني الديمقراطي، على رغم الشخصية القانونية التي تقف على رأس هيكل الجمعية الإداري، يأسف البعض كثيراً على التمرد السياسي الذي رافق بدايات تأسيس الجمعية، والاستقالات الكثيرة، واستنكاف الأعضاء عن دفع إشتراكاتهم. وعلى الرغم من عضوية أحد الأعضاء في المجلس النيابي إلا أنه لم يقدم برنامج الجمعية في العمل البرلماني بل اختار خطاً آخر! وما يلفت النظر هو عدم قيام «التجمع» بأي نشاط يُذكر، وهذه كارثة في الساحة السياسية!

- الوسط العربي الإسلامي الديمقراطي، كان الحلم والأسم أكبر بكثير من واقع إنجازات الجمعية، ولا نعرف لها أي دور يُذكر إلا نشاط أحد الأعضاء (سالم رجب) في الجانب الاجتماعي، وأما نشاط الجمعية لا يعدو البيانات المستنكرة والمنددة، في بعض المناسبات. وأما عن القيادة فزيارات ذات مغزى سياسي بعيد يجب أن ترجع فيها إلى مجلس الإدارة، ولا تؤخذ فيها القرارات بشكل منفرد، وفي الصباح تقول: لم أكن أعلم بالذي يجري... (فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم)، البلد على فوهة بركان والريس يقول لا أعلم!

ونحن اليوم في طور التأسيس لحياة حزبية جديرة بالاحترام في عالم السياسة الدولية، فمن المهم استلهام الأعراف الحزبية العريقة، فحينما يخفق رئيس الحزب أو الجمعية في الانتخابات النيابية فإنه يقدم استقالته مباشرة، ذلك أن القوة الإقناعية التي توسلها في خطابه أو برنامجه السياسي لنيل ثقة الناخبين غير مجدية، وعليه يتوجب حلول غيره ممن يحمل قوة الإقناع التي يستطيع أن ينال بها ثقة الناخبين... وأيضاً، حينما يخوض مرشحان من الحزب نفسه يتوجب على أحدهما تقديم استقالته من الجمعية. وذلك ما لم يحدث في «التجمع» أو «الوسط»