المتتبع للكثير من المنتديات المحلية والمجموعات على الإنترنت، يلمس إلى أي حدٍ مَرَضي وصل الاحتقان الطائفي في البحرين تحت السطح، بينما فوق السطح وفي الخطاب العام يدّعي الجميع أن هناك أسرة واحدة، وأن ما يجمع الناس أكثر مما يفرقهم.
خطاب التجزيء الماضي في تقسيم البحرينيين إلى «هم، أنتم» مقابل «نحن» يعمل بشكل بالغ السوء في المنتديات التي تبذل فيها الأطراف وقتاً سخياً للتصيد من كتب وفتاوى كل طرف، ويعمد المتعاملون مع هذه الأمور إلى اجتزاء الفتاوى من سياقاتها، وتعميمها على أهل المذهب الآخر، علماً بأن في كل مذهب إسلامي هناك الأسس المعترف بها، مقابل الفقهاء الأقل شأناً والذاهبون إلى التطرف تشدداً وليناً، ولكن لا يحلو للطرفين إلا النبش عن أكثر الأقاويل والفتاوى تطرفاً وغرابة ليصك بها وجه الطرف الآخر على الشبكة، ويبتسم بعد ذلك ابتسامة من كسب جولة، في انتظار الجولات المقبلة.
ما حدث أخيراً في مجلس النواب لم يكن خلافاً «فلوجياً» بل أعمق من ذلك، إنه الخلاف القديم المتجدد الذي يطل برأسه عند أدنى احتكاك، فتخرج المكنونات الغائرة في النفس، إنها «الدمّل» من تحت سطح الجلد الذي لا يريد إلا من يفقأه ليخرج ما يخبأه من أقذار.
إن كثرة الدمامل تحت الجلد تشي بحالة مَرَضية تستبد بالجسد الوطني إن تركت، وفتحها عشوائياً سيكون كارثة لأنه يعني تسمم الجرح إن لم يعالج.
إن محاولة أطراف- لا شك مخلصة- لـ «لفلفة» الأمر بـ «تبويس» الطرفين قد تثمر عن إسكاتهما لئلا تتطور الأمور إلى ما وراء ذلك، وربما سحب الدعاوى القضائية التي يعتزم كل طرف إقامتها بينياً أو تجاه الصحف، وربما تجاه من سرب شريط الجلسة إن عُرف المصدر. ولكن هذا لن يوقف سريان سرطان الطائفية في المجتمع، لا من الشجاعة ولا من المسئولية التاريخية غض الطرف عنها
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 802 - الإثنين 15 نوفمبر 2004م الموافق 02 شوال 1425هـ