العدد 80 - الأحد 24 نوفمبر 2002م الموافق 19 رمضان 1423هـ

اللاجئون الفلسطينيون في الأردن: الانتفاضة أعادت الاعتبار إلينا وعززت آمالنا بالعودة إلى فلسطين

بدخول الانتفاضة عامها الثالث

منير عتيق comments [at] alwasatnews.com

يقول اللاجئون والنازحون في المخيمات الفلسطينية وبقية مناطق وجودهم في الأردن ان الانتفاضة الفلسطينية التي دخلت عامها الثالث، قد أحدثت تغيرات في قناعاتهم السياسية وحياتهم الاقتصادية والاجتماعية. ويقول لاجئون فلسطينيون من مخيم الوحدات ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية بعد مخيم البقعة قرب العاصمة عمّان في أحاديث منفصلة لـ «الوسط» معهم: ان استمرار الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال سيجبر الحكومة الإسرائيلية على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة وانها - الانتفاضة - قوت آمالاهم بالعودة إلى ديارهم ووطنهم ويؤكدون على رفضهم للتوطين ويضيفون بأن اتفاقات أوسلو تجاهلتهم والانتفاضة أعادت الاعتبار لهم ولقضيتهم، ويتوزع اللاجئون والنازحون داخل الأردن في عشر مخيمات تعترف بها وكالة غوث اللاجئين، فيما توجد ثلاثة مخيمات أخرى في الأردن غير معترف بها بشكل رسمي.

كما ان الآلاف من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين يقطنون خارج المخيمات، وبحسب إحصاءات وكالة الغوث فإن عدد اللاجئين المسجلين رسميا لديها في الأردن يبلغ مليونا و700 ألف في الأردن.

ويقول أحد اللاجئين ويدعى صابر أبوالهيجاء: نحن في مدينة يافا ولجأنا إلى هذه المنطقة التي أصبحت تعرف بالوحدات وكنا نعتقد ان الدول العربية ستعيد إلينا حقوقنا وتطرد اليهود من فلسطين. وأضاف: لكننا اكتشفنا أننا نتوهم مشيرا إلى مشاعر الإحباط في المخيم وفي أوساط اللاجئين والنازحين جراء الرهان العربي الرسمي على أميركا وعلى المفاوضات مع إسرائيل.

وقال: قبل الانتفاضة وخلال اتفاقات أوسلو وما بعدها: تراجعت لدينا القيم والحماسة الوطنية، لكن الانتفاضة أضاءت لنا طريق عتمة أوسلو. وتابع القول: الإحساس بالمرارة ازداد لدينا من جراء مواقف الدول الرسمية العربية والإسلامية عندها، لأنهم لم يأتوا بالحد الأدنى من الأقوال ولا الأفعال لدعم الفلسطينيين الذين يذبحون على مرأى من العرب والعالم.

وأشار إلى ان المطالب الأساسية لمعظم اللاجئين والنازحين هي قطع العلاقات القائمة مع إسرائيل ودعم الفلسطينيين سياسيا وماديا أو وقف التطبيع وربط العلاقة مع أميركا بالموقف الأميركي من القضية الفلسطينية ومن قضايا الأمة.

الانتفاضة والشارع الأردني

وبحسب اعتراف الحكومة الأردنية فإن أكثر من 400 مسيرة وتظاهرة جرت في الأردن منذ اندلاع الانتفاضة، التي كانت المخيمات مسرحا رئيسيا لها، ويتفق المتابعون للتحركات الشعبية ان أحزاب المعارضة الأردنية والنقابات المهنية كان لها الدور الرئيسي في قيادة التظاهرات، الأمر الذي أتاح لها أيضا توسيع نفوذها بين الجماهير وأخذ الكثير من ممثلي قوى المعارضة على الحكومة الأردنية تضييقها الخناق على التحركات والتظاهرات المناصرة للانتفاضة رافضين التبريرات الحكومية بأن المسيرات لصالح الفلسطينيين، ويعتقد الكثير من قادة المعارضة ان الحكومة قلقة من تنامي التحركات الشعبية خصوصا وان جزءا كبيرا من الشعارات التي رفعت تتناقض مع استمرار العلاقة الأردنية - الإسرائيلية وتجليات هذه العلاقة وهو ما دفع الحكومة إلى منع المسيرات والتظاهرات إلا بإذن مسبق وتأجيل الانتخابات البرلمانية لعدم إعطاء المعارضة فرصة استثمارها في الانتخابات.

ويقول أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي (أكبر أحزاب المعارضة الأردنية) حمزة منصور: اننا نستهدف التأكيد في المسيرات الشعبية والتظاهرات السلمية، وان القضية الفلسطينية هي قضية عربية وان وحدها في الصراع ضد الاحتلال وان القضية الفلسطينية هي قضية عربية، وان الخطر الصهيوني يشمل الأردن والوطن العربي وان مطالبة الجماهير للأنظمة العربية بقطع العلاقات مع إسرائيل والضغط على أميركا وفتح الحدود العربية لإسناد الانتفاضة العربية هو الحد الأدنى المطلوب من الأنظمة العربية.

ويقول محللون انه على رغم انفجار الشارع العربي بقوة ضد إسرائيل وأميركا والصمت العربي فإن الحوادث قد برهنت على أسبقية التحركات الشعبية على تحرك الأحزاب والقوى السياسية وكرست صورة العجز الرسمي العربي في اتخاذ مواقف ضد إسرائيل وأميركا.وأقصى ما قدمته سياسيا هو المبادرة العربية السعودية الأصل للسلام ورفضتها إسرائيل وتجاهلتها الإدارة الأميركية إلا فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل.

التأثير الإقتصادي

وإذا كان الجانب السياسي هو الأبرز في تأثيرات الانتفاضة على اللاجئين والنازحين الذين قام بعض أبنائهم بعمليات ضد إسرائيل فإن الجانب الاقتصادي تأثر كثيرا جراء الانتفاضة.

ويؤكد اقتصاديون ورجال أعمال ان الانتفاضة قد أثرت سلبا على أوضاعهم الاقتصادية بنسبة لا تقل عن 35 في المئة وقال أحد أصحاب المحلات التجارية ويدعى محمد ياسين تاجر أقمشة في السوق الرئيسي داخل الوحدات ان مبيعات محلة انخفضت بنسبة 40 في المئة منذ الانتفاضة وأضاف يقول أكثر زبائني من أبناء فلسطين المقبلين إلى الأردن للزيارة لأن الأسعار هنا أقل بكثير من فلسطين وعشرات الزبائن كانو يأتون إلى المحل يوميا لكن منذ الانتفاضة لم يعد يأتي إلى المحل إلا القلة.

ويؤكد الكثير من اللاجئين ان الانتفاضة قد أصابت حياتهم الاجتماعية في الصميم، إذ ان الكثير من الأسر القاطنة في عمّان لها أقرباء داخل فلسطين، وقال أحد هؤلاء: كنت أعد لحفل زفاف كبير وعند الانتفاضة اختصرت حفلة الزواج وأحضرت فرقة وطنية، ولاحظ الأردنيون ان ظاهرة انتشار إلغاء وتأجيل الكثير من حفلات الزواج جراء الانتفاضة قد تم الإعلان عنها في الصحف.

وأكد عدد من اللاجئين ان الانتفاضة دفعت بهم إلى الإسراع في شراء الأطباق اللاقطة «الستلايت» لكي يتمكنوا من متابعة الانتفاضة وتطوراتها أولا بأول عبر الفضائيات، وقال بعض هؤلاء ان الإعلام الرسمي قاصر ويقدم الأخبار وكأن الحدث خارج المنطقة العربية ويأخذ الكثير من المتابعين على الإعلام الرسمي العربي استخدام تعبير العنف بدل الانتفاضة وتجنب اللقطات التحريضية ضد إسرائيل وأميركا، والتعتيم على التحركات الشعبية العربية ويقول إعلاميون وسياسيون ان أحد أسباب تفاعل الجماهير العربية مع الانتفاضة الحالية أكثر من الانتفاضة الأولى في الثمانينات هو المحطات الفضائية والإنترنت التي ساهمت بنقل مباشر لما يجري في فلسطين من دون قيود رسمية.

اللاجئون ومستقبل الانتفاضة

ويعرب الكثير من اللاجئين عن قلقهم على مستقبل الانتفاضة وخصوصا الأوضاع الفلسطينية عامة في ظل الصمت الرسمي العربي والدولي الذي يصفه ناشطون من اللاجئين بالمريب ويرى الكثير منهم ان التقدم الأميركي الحالي بمشروع حل سياسي المعروف بخطة الطريق ما هو إلا لتحقيق تهدئة في الموضوع الفلسطيني.

الإدارة الأميركية في حربها المقبلة على العراق وكسب معظم النظام الرسمي العربي معها ويقول بعض هؤلاء وعود أميركا الآن تذكرنا بوعودها لنا قبل ضرب العراق مطلع التسعينات والتي حملت وعودا براقة لم تتحقق على الأرض لغاية الآن. ويشكك الكثير منهم بإمكان استعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة من خلال المشروعات الأميركية ويقول بعضهم ان أميركا شريكة إسرائيل في عدائها للفلسطينيين.

الموقف من السلطة الفلسطينية

وإلى جانب نقد اللاجئين للسياسة الرسمية العربية فإن إدانة السلطة الفلسطينية للعمليات الفدائية ضد إسرائيل لاقت رفضا ملموسا في أوساط اللاجئين ويأخذون على السلطة تمسكها بالمفاوضات على حساب استمرار الانتفاضة والمقاومة. وتقول سيدة فلسطينية تدعى أم جهاد من مخيم البقعة (أكبر المخيمات في الأردن): أنا أحيي العمليات الفدائية في قلب إسرائيل، لأن إسرائيل تقتل الفلسطينيين منذ مجيئها إلى فلسطين وما تقوله أم جهاد يتفق معه الكثيرون الذين يعبرون عن قناعاتهم بتأييدهم للعمليات بعيدا عن الحسابات الدولية وحسب احصاءات تقريبية فإن أكثر من 500 إسرائيلي قتلوا خلال الانتفاضة وجرح أكثر من شخص وخسائر مالية تجاوزت 11 مليار دولار فيما أظهرت استطلاعات الرأي 2003 العام الإسرائيلي ان 27 من اليهود الشبان تفكر بالنزوح من إسرائيل إلى خارجها بسب فقدان الأمن الشخصي وهو الشعار الذي تعهد به شارون للناخبين لكنه فشل في تحقيقه إلى جانب تراجع الهجرة إلى إسرائيل وهو عامل مهم في رأي الفلسطينيين وفي المقدمة منهم اللاجئين الذين يؤكدون ان كل هذا ما كان ليتم لولا الانتفاضة التي تبرهن للعالم باستحالة الاستقرار والسلام من دون حل عادل للقضية الفلسطينية وفي المقدمة منها قضية اللاجئين الفلسطينيين التي حدثت العام 67 و48 ومنذ ذلك التاريخ تحاول إسرائيل انهاء قضيتهم ولكنهم يؤكدون انهم متمسكين بالعودة واستمرار الانتفاضة والمقاومة فهي بالنسبة لهم ولكل فلسطيني طريق الخلاص من الاحتلال وتحقيق حلم العودة ولو إلى جنين التي تلامس سهولها مدينة حيفا التي أخرجوا منها العام 48.

الاردن - منير عتيق

العدد 80 - الأحد 24 نوفمبر 2002م الموافق 19 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً