ها قد انتهى شهر رمضان، وحل عيد الفطر المبارك، من دون أن يلوح في الأفق ما يفيد بأن الحكومة ستوافق على مقترح برغبة أحاله إليها مجلس النواب الشهر الماضي، والمدعوم من كتلة «الأصالة» السلفية، يقضي بصرف 500 دينار لكل أسرة بحرينية تأخذ راتباً أقل من ألف دينار، من دون أن تسمى «عيدية»، كي لا يربط بمقترح سبق أن قدمته كتلة «المنبر الإسلامي».
بيد أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن مجلس الوزراء لا يبدي حماساً لتنفيذ المقترح، ومن أجل تفادي تطبيقه، في ظل ضغوط نيابية وشعبية، عجّلت السلطة التنفيذية بإقرار «بونس» لموظفي الخدمة المدنية، من دون أن يأخذ حظه من الدرس، على ما يبدو، إذ لم تتطلع الجهات المعنية في الشئون المالية والإدارية في المؤسسات الحكومية عليه، ما يعني توقع إرباك في تطبيقه، وخصوصا مع شمول تنفيذه العاملين في القطاع العسكري، بعد أن كانت الحكومة أعلنت أنه سيستثني العسكريين.
وتعتبر موافقة الحكومة ضرورية لكي ينفذ مقترح الـ 500 دينار، ذلك أنه غير ملزم للحكومة، بحسب الأدوات الدستورية. ويرى متابعون أنه يصعب على الحكومة أن توافق عليه، إذ الموافقة تعني إعطاء «الفضل» في توزيع «المكرمة» للنواب، في حين أن بيد الحكومة أن تأخذ «الفضل»، وأن «تتفضل» على الشعب مباشرة، دونما حاجة إلى وسيط ومقترح نيابي، وهذا أحد أسباب الحماس «الفجائي» لـ «البونس»، بحسب تقديرات البعض.
وقد نقلت مصادر نيابية أن رئيس كتلة الأصالة الشيخ عادل المعاودة «ممتعض» كثيراً، ذلك أنه «نسق» مع جهات حكومية نافذة، بل وضمن موافقتها، قبيل أن يتقدم بالمقترح، مؤكدة أن المعاودة، وعموم السلفيين، يشعرون بالحرج، لأن مقترحهم «المضمون»، بحسب تصريحاتهم المتتالية، لن يرى النور إلا «بمعجزة»، في عصر ندرت فيه المعجزات.
وبذا، يرجح أن يخيب أمل المواطنين في «العيدية» للمرة الثانية. إذ يذكر أن كتلة «المنبر الإسلامي» قدمت اقتراحاً برغبة في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2003، بمنح «عيدية» إلى موظفي الحكومة، بيد أن مجلس النواب رفضها لأسباب كثيرة، من بينها التنافس بين كتلتي «الأصالة» و«المنبر الإسلامي».
وقد أعاد «المنبر» تقديم المقترح في شكل مقترح بقانون، التفت عليه الحكومة لاحقاً، أثناء نقاشه في لجنة الشئون الاقتصادية والمالية، لتخرجه على شكل «بونس»، لتفادي أن يمنح «فضل العطاء» إلى المجلس المنتخب. أما المقترح الأخير (500 دينار)، فهو مدعوم من قبل كتلة «الأصالة» السلفية، وهو المقترح الذي يتفادى استثناء القطاع الخاص، كما في مقترح «العيدية»، حين يتحدث عن كل أسرة، من دون أن يربطه بجهة (أو رب) العمل. وإن بدت عدد من الأسئلة من دون إجابة في حال تبني تنفيذه، مثل مفهوم الأسرة، ومفهوم الألف دينار، إذ هل المقصود بـ «الألف» راتب الزوج فقط، أم راتب الزوج والزوجة معاً، وهل يشمل ذلك المداخيل التي تتحصلها الأسرة من عقاراتها.
ويرى متابعون أن الكلفة الإدارية لن تكون يسيرة لضبط هذه المسائل، وربما يكون الأجدى منح مبلغ معين لكل مواطن، كما فعلت دولة الكويت، بمنحها 200 دينار لكل مواطن من مواطنيها، لتفادي الدخول في متاهة مفهوم الألف دينار، بيد أن ذلك قد يعني إعطاء جميع المواطنين، لا محدودي ومتوسطي الدخل، مخصص الـ 50 ديناراً.
ويقول البعض، إن فعل ذلك (صرف المخصص للجميع)، لا يبدو غريبا على الحكومة التي تبدو «غير تمييزية» في «بيع» خدمات الكهرباء والماء والإسكان... إلى جميع المواطنين بالتسعيرة نفسها، من دون الأخذ في الاعتبار أن الدعم لهذه «السلع» يفترض أن يكون موجها لمحدودي الدخل في الأساس
العدد 799 - الجمعة 12 نوفمبر 2004م الموافق 29 رمضان 1425هـ