العدد 798 - الخميس 11 نوفمبر 2004م الموافق 28 رمضان 1425هـ

المقاطعة ستتحول محجة للفلسطينيين

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

بينما التزمت الصحف العربية التقارير الصادرة عن القيادة الفلسطينية أو مستشفى بيرس بما يتعلق بتطورات حال عرفات الصحية، أكدت الصحف العبرية وفاته وهي لم تخالف هذا النهج منذ انتقال عرفات إلى باريس وفعلت ذلك حتى حين ظهر على الناس مودعاً خلال انتقاله من رام الله إلى عمّان فباريس. أما الحديث عما بعد وفاته فطالت التعليقات مسألتين الأولى أسئلة بشأن مصير خطة الفصل الأحادية والتي يرجح لها المعلقون أن لا حجة بعد الآن لشارون بأن يبقيها أحادية لأن حجة أن «لا شريك عند الفلسطينيين» باتت ساقطة مع غياب عرفات.

ولفتت «هآرتس» في افتتاحيتها ان وكالة «إيتيم» الإسرائيلية نشرت تقريراً نسبت فيه إلى مصادر فلسطينية أن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (أبومازن)، سيعلن من رام الله وفاة عرفات. وأوضحت الصحيفة أن التقرير يكشف أن عرفات توفي الثلثاء الماضي غير أن القيادة الفلسطينية لم ترغب في الإعلان رسمياً عن ذلك إلا بعد عودة عباس إلى رام الله. وهكذا أيضاً نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصادر فلسطينية مطلعة ان رئيس المحكمة الشرعية الشيخ تيسير التميمي توجه إلى باريس كي يعلن رسمياً عن وفاة عرفات. وأضافت هذه المصادر ان التميمي سيشرف شخصياً على الترتيبات الدينية المتعلقة بنقل جثمان عرفات إلى مناطق السلطة. كما نسبت الصحيفة إلى مصادر فلسطينية رسمية، ان عرفات قد فارق الحياة بعد نزع أجهزة التنفس عنه وتم تأجيل الإعلان الرسمي عن وفاته حتى عودة المسئولين الفلسطينيين من باريس. وأضافت هذه المصادر ان بياناً رسمياً عن وضع عرفات، سيصدر فور عودة المسئولين الفلسطينيين الأربعة وهم أبومازن وأبوعلاء ونبيل شعث وروحي فتوح. ورجحت ان الأربعة سيعلنون عن وفاة عرفات وعن أيام الحداد وعن تشكيل قيادة مؤقتة للعمل حتى انتخاب قيادة جديدة.

ولاحظ داني روبنشتاين في «هآرتس» ان القيادة الفلسطينية تحاول اليوم منح قيمة وطنية لوفاة الرئيس تماماً كما حاولت أن تجعل من حياته رمزاً للنضال الوطني. غير انه لفت إلى ان وفاة عرفات خارج وطنه ستثير جملة من المشكلات للقيادة من الناحيتين الدينية والعملية. فمن الناحية الدينية الإسلامية يجب غسل جسد الميت فور وفاته وهذا ما جعل رئيس المحكمة الشرعية يتوجه إلى باريس من أجل إتمام إجراءات غسل عرفات كما تجري العادة بين المسلمين. هذا فضلاً عن ان دفن الميت في الإسلام يجب أن يجري بأقصى سرعة ممكنة.

ومن ناحية أخرى بدا واضحاً ان الرئيس الفلسطيني سيدفن في المقاطعة في رام الله التي أصبحت معلماً وطنياً من معالم الصمود الفلسطيني خلال السنوات الثلاث الماضية من الحصار الذي فرضته «إسرائيل» على عرفات. إلا انه أشار إلى أن المشكلة تكمن في ان إجراء مراسم الدفن في رام الله سيجعل عدداً من زعماء العالم ومن بينهم الزعماء العرب يترددون في السفر إلى الضفة الغربية لاعتبارات أمنية. واستنتج روبنشتاين، أن الحل الوحيد هو إجراء مراسم الدفن في إحدى العواصم العربية مثل القاهرة، إذ يمكن أن يشارك زعماء العالم ومن ثم يتم الدفن الفعلي في رام الله. وفي ختام مقاله، زعم المعلق أن عرفات حاول طوال حياته أن يخفي حقيقة ولادته خارج الأراضي الفلسطينية وفي القاهرة بالذات، إذ انتقلت عائلته في العام 1927. غير ان الحقيقة تفيد أيضاً أنه ولد في الخارج وسيموت أيضاً هناك. واعتبر زئيف شيف في «هآرتس» ان قرار القيادة الفلسطينية دفن الرئيس الفلسطيني في مقره المقاطعة هي مناورة حذقة تهدف إلى منع «إسرائيل» من الاعتراض على دفن عرفات في الضفة الغربية. ولاحظ أن الفلسطينيين لم يرفعوا بعد طلباً رسمياً إلى «إسرائيل» بشأن دفن عرفات. مشيراً إلى أن دفن عرفات في مقره سيكون له قيمة رمزية بالنسبة إلى الفلسطينيين. فالمقاطعة هي المكان الذي سجنت فيه «إسرائيل» عرفات خلال العامين الماضيين واعتبرته غير ذي صلة. وفي المقاطعة أيضاً. يشدد شيف، بذل عرفات مجهوداً كبيراً من أجل العودة إلى الواجهة وإحياء المفاوضات مع «إسرائيل» غير انه في الوقت نفسه دعا إلى مسيرة المليون شهيد إلى القدس وهو ما اعتبرته «إسرائيل» تشجيعاً «للانتحاريين». وختم انه في حال دفن عرفات في المقاطعة فإن هذه الأخيرة ستتحول إلى محجة للفلسطينيين.

وكشفت «هآرتس» نقلاً عن الإذاعة الإسرائيلية ان «إسرائيل» قد تفرج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين بعد وفاة عرفات كخطوة من شأنها أن تعزز وضع المعتدلين داخل السلطة. ولفتت الصحيفة إلى ان وزارتي الدفاع والخارجية تؤيدان الإفراج عن المعتقلين غير ان القرار النهائي بهذا الشأن عائد إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي. وذكرت الصحيفة ان مسئولين أميركيين بعثوا برسائل تشجيع لـ «إسرائيل» لاتخاذ خطوات حسن نية لتعزيز وضع القيادة الفلسطينية في مرحلة ما بعد عرفات. غير انها أشارت إلى ان شارون لا يحبذ مبدأ المبالغة بخطوات حسن النية في هذه المرحلة. كما ان المسئولين الإسرائيليين يحذرون من أن يقوض تقرب «إسرائيل» من القيادة الفلسطينية الجديدة سمعة ومكانة الزعماء الجدد في نظر الجمهور الفلسطيني. وكتب ألوف بن في «هآرتس» تحت عنوان «الشريك والثمن»، لاحظ فيها ان عملية الانسحاب من غزة ستتم في ظل أجواء من الفوضى والاحتجاجات والعنف وان هذا الحال يحتم إيجاد شريك فلسطيني يمسك بزمام الأمور في غزة. ورأى بن، انه على رغم أن شارون يعي هذا الأمر فإنه لا يبحث عن شريك فلسطيني كما انه لا يبدي أي اهتمام بالتغييرات التي ستطرأ على السلطة الفلسطينية بعد غياب رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات.

وأشار المعلق إلى ان أي شريك فلسطيني سيكون لديه غايات وان أبومازن في حال حل مكان عرفات، سيطالب بأن تكون خطة الفصل مرتبطة بـ «خريطة الطريق» ما سيؤدي إلى قيام دولة فلسطينية. وأكد المحلل ان أبومازن أو أي رئيس فلسطيني آخر لن يقبل بالانسحاب من غزة فحسب بل انه سيسعى لدفع «إسرائيل» للانسحاب من الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأضاف ان سياسة شارون متناقضة بحيث انه يريد الانسحاب من غزة والعودة إلى حدود العام 1967 لكنه يريد أيضاً البقاء في الضفة الغربية في السنوات المقبلة. وأوضح بن ان وجود عرفات في السلطة لطالما كان يشكل غطاء لتناقضات شارون السياسية إلا ان هذا الغطاء سيغيب مع رحيل عرفات. وختم بن معتبراً ان على شارون أن يتصرف بحكمة وأن يعمل على التأثير على الرئيس الأميركي جورج بوش كي يتفادى كابوس الانسحاب الكامل من الضفة الغربية

العدد 798 - الخميس 11 نوفمبر 2004م الموافق 28 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً