أظهرت استطلاعات الرأي العام انه يوجد انطباع عام لدى نصف (الاردنيين) المستجيبين من العينة، ان الاردن يسوده العدل والمساواة، إذ قال بذلك (55,99 في المئة) للمساواة و(58,66 في المئة) للعدل، الا انه فيما يتعلق بالعدل والمساواة في توزيع عوائد الاقتصاد الوطني يشعر نحو ثلاثة أرباع المتجمع بنوع من الغبن اذ افاد (74,1 في المئة) بأن اقتصاد البلد مسخر لخدمة اصحاب المصالح وليس لجميع المواطنين. وأن «مستوى الديمقراطية في الأردن لايزال يراوح في منتصف الطريق»، وفقاً لنتائج آخر استطلاع للرأي العام أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية.
وأرجعت سبب ذلك الى «عدم إحساس المواطن بأن الحريات العامة مضمونة للحد الذي يمكن له ممارستها من دون خوف من السلطات»، إذ أعلن ما مجموعه (80,6 في المئة) من المستجيبين بأنهم «لا يستطيعون علناً انتقاد الحكومة والاختلاف معها في الرأي من دون تعرضهم وأفراد عائلاتهم لعواقب أمنية أو معيشية».
ورأى ( 46 في المئة) من الأردنيين أن «مجلس النواب الحالي لا يمارس صلاحياته بمساءلة الحكومة، مقابل (36 في المئة) يعتقدون عكس ذلك، في حين يعتقد أقل من ثلث المستجيبين أن مجلس النواب كان ناجحا في سن القوانين لمعالجة البطالة والفقر والفساد. وتنخفض الى اقل من الربع فيما يتعلق بسن قوانين لمحاربة ارتفاع الأسعار.
واعتبر (69 في المئة) من المستجيبين في الاستطلاع الذي أجري على عينة مكتملة بلغت 1386 شخصاً، بلغت أعمارهم 18 عاماً واكثر، أن النواب كانوا اكثر اهتماما بمصالحهم الشخصية والعائلية، مقابل (15 في المئة) فقط يرون «انهم كانوا اكثر اهتماما بمصالح المجتمع والبلد ككل».
وكانت مشكلة «الفقر والبطالة» ذات الأولوية الأولى لدى المواطنين من حيث المعالجة بنسبة (52 في المئة)، تلاها الفساد المالي والإداري بنسبة (27 في المئة)، في حين حلت «القضية الفلسطينية» و«القضية العراقية» في المرتبتين الثالثة والرابعة على التوالي. وتحتل مسألة «تعزيز الديمقراطية وحرية التعبير» المرتبة الخامسة.
وأفاد (42,4 في المئة) بأن وضعهم الاقتصادي ساء خلال الاثني عشر شهرا الماضية، مقابل (13,4 في المئة) أفادوا بأن وضعهم تحسن و(43,4 في المئة) بقيت كما هو.
ويعتقد نصف الأردنيين أن الحكومة جادة في محاربة الفساد الذي يرون أنه أحد الأولويات التي يجب معالجتها. وفضل الأردنيون النظام السياسي الديمقراطي للحكم، وتعريفه بأنه المرتبط بـ «الحريات العامة، ضمان المساواة في الحقوق المدنية والسياسية، تداول السلطة، محاسبة شفافة للسلطة التنفيذية»، ويرى (49 في المئة) منهم أن النظام الأردني «ديمقراطي».
ولم يتحسن موقف الأردنيين من أداء الأحزاب السياسية، فقد أفاد نحو ثلثي المستجيبين بأنهم غير معنيين فيما إذا كانت الأحزاب قد نجحت أو لا في ممارسة العمل السياسي، وتدلل هذه النتيجة على أن الأحزاب تعاني من أزمة للوصول إلى الشارع، فيما تعتقد الغالبية انه لا يوجد حزب مؤهل لتشكيل حكومة.
وعلى رغم التغطية الإعلامية الحكومية الواسعة فإن نسبة الذين اطلعوا على خطة التنمية السياسية لم تتجاوز (16 في المئة) من المستجيبين.
ويتصدر التلفزيون الأردني المرتبة الأولى في المصادر الأكثر وثوقاً بخصوص الخبر السياسي المحلي، تليه فضائية الجزيرة، ويتبادلون في الأدوار بخصوص الخبر السياسي العربي والدولي.
مفهوم ومستوى الديمقراطية
منذ استطلاع العام 1999 وحتى هذا الاستطلاع تراوحت نسبة من عرّفوا الديمقراطية على أنها حريات مدنية وحقوق سياسية نحو ثلثي المستجيبين بالمعدل، والى جانب هذا الفهم السياسي للديمقراطية، هناك فهم سوسيولوجي يعرف الديمقراطية بربطها بالعدل والمساواة (نحو ربع الأردنيين) وبالتنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية (نحو 10 في المئة).
وأفاد 91 في المئة من المستجيبين أن «النظام السياسي الديمقراطي» نظام جيد لحكم البلد، وكانت هذه النسبة 8,88 في المئة في استطلاع 2003.
ويرى 49 في المئة من الأردنيين أن النظام الأردني هو نظام ديمقراطي، فيما يرى 12 في المئة أنه نظام سلطوي، و11 في المئة يرون بأنه نظام يتخذ فيه الخبراء الفنيون ما يرون أنه مناسب من قرارات للبلد.
وعند مقارنة مستوى الديمقراطية في الأردن مع دول أخرى نجد الأردنيين يقيمون الولايات المتحدة و«إسرائيل» على أنها ديمقراطيات، فيما يقيّمون سورية وفلسطين والعراق على أنها دول غير ديمقراطية.
الحريات العامة والخوف
وتشير المتوسطات الحسابية للإجابات بشأن حرية الرأي والصحافة وحرية الانتساب إلى الأحزاب السياسية، إلى أن هذه الحريات مضمونة إلى حد ما، إذ ان حرية الصحافة هي أكثر الحريات ضماناً، إذ أفاد بذلك 59 في المئة، تليها حرية الرأي بنسبة 56 في المئة ثم حرية الانتساب للأحزاب السياسية التي يعتقد فقط 38 في المئة انها مضمونة.
وفيما يتعلق بحرية التظاهر والاعتصام، فيعتقد غالبية الأردنيين بأنهما غير مضمونتين، فيما يعتقد ثلث المستجيبين فقط بأنهما مضمونتان، والسبب عدم إحساس المواطن بأن الحريات العامة مضمونة للحد الذي يمكن له ممارستها من دون خوف من السلطات.
وعموماً تبقى نسبة الخوف مرتفعة، إذ كانت 9,69 في المئة العام 1999، وتبلغ نسبة من يعتقدون بأنهم لا يستطيعون المشاركة في النشاطات السياسية السلمية المعارضة (كالتظاهرات والاعتصامات، والمقالات والمحاضرات والندوات السياسية المعارضة) من دون تعرضهم وأفراد عائلاتهم لأية عواقب (أمنية أو معيشية) 7,78 في المئة.
العدل والمساواة والاقتصاد
يوجد انطباع عام لدى نصف المستجيبين تقريباً أن الأردن بلد يسوده العدل والمساواة، ويبقى هذا الإحساس متدنياً عموماً، ويعزز الاعتقاد السائد لدى 3,47 في المئة من الأردنيين بأن مبدأ تكافؤ الفرص غير مطبق في الأردن. وفيما يتعلق بالعدل والمساواة في توزيع عوائد الاقتصاد الوطني يشعر نحو ثلاثة أرباع المجتمع بنوع من الغبن، وان اقتصاد البلد مسخر لخدمة أصحاب المصالح وليس لجميع المواطنين. ويعتقد نصف الأردنيين تقريباً أن الحكومة جادة في محاربة الفساد الذي يرون أنه أحد الأولويات التي يجب معالجتها.
تقييم أداء الأحزاب
لم يتحسن موقف المستجيبين من أداء الأحزاب السياسية بشكل جوهري. كما أن نحو ثلث المستجيبين أفادوا بأنهم لم يعرفوا أو غير معنيين فيما إذا كانت الأحزاب قد نجحت أم لا في ممارسة العمل السياسي. وبالمقارنة مع الاستطلاعات السابقة منذ 1996 وحتى هذا الاستطلاع، يتبين أن تقييم الأردنيين لأداء الأحزاب السياسية لم يتغير جوهرياً، إذ مازال الرأي العام يرى أن الأحزاب تعاني من أزمة في الوصول إلى الشارع. عمّا إذا كانت الأحزاب السياسية في الأردن تعمل على خدمة مصالح الناس ام خدمة مصالح قياداتها، أفاد 1,49 في المئة أنها تعمل لخدمة مصالح قياداتها، مقابل 8,12 في المئة أفادوا بأنها تعمل لخدمة مصالح الناس، ويشار الى أن 3,35 في المئة أجابوا بأنهم لا يعرفون.
جماهيرية الأحزاب
يشير الاستطلاع الى أن جميع الأحزاب السياسية القائمة تمثل فقط 8,9 في المئة من التطلعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. وهذا يعني ان 90 في المئة لا يرونها تمثل تطلعاتهم. وكانت جبهة العمل الإسلامي هي الأكثر تمثيلاً لتطلعات المواطنين السياسية والاجتماعية والاقتصادية من أي حزب سياسي أردني آخر، إذ أفاد بذلك 6,6 في المئة، مقابل 7,14 في المئة منهم في استطلاع العام الماضي الذي تم تنفيذه بعد الانتخابات النيابية الماضية.
وجاء في المرتبة الثانية الحزب الوطني الدستوري بنسبة 6,0 في المئة، أما بقية الأحزاب فلم يتجاوز أي منها نسبة 2,0 في المئة.
وعن «أي من الأحزاب الموجودة حالياً في الأردن تعتقد بأنه مؤهل لتشكيل حكومة؟»، أجاب 2,84 في المئة بـ «ولا واحد»، فيما حصل حزب جبهة العمل الإسلامي على 5,3 في المئة، وحل ثانياً الوطني الدستوري بنسبة 4,0 في المئة أما بقية الأحزاب، فلم تتجاوز النسبة لأي منها 1,0 في المئة.
وأفاد 7,57 في المئة من المستجيبين بأنهم لا يقبلون شخصياً بوصول حزب سياسي لا يتفق معهم الى السلطة، وقال 11 في المئة انهم يقبلون. وربما يؤشر هذا الموقف من وصول حزب ما الى السلطة الى مستوى التسامح السياسي الموجود لدى الشارع الأردني.
مجلس النواب
وأولويات المواطنين
تعتقد غالبية كبيرة من المواطنين (71 في المئة) بأن قانون الانتخاب الذي تمت بموجبه انتخابات مجلس النواب الحالي كان منصفاً بحق المرأة، وفيما يتعلق بتوزيع المقاعد بين الدوائر الانتخابية تعتقد غالبية بسيطة (56 في المئة) أن القانون كان منصفاً، ويعتقد ما نسبته (56 في المئة) أن القانون كان منصفاً في تمثيل جميع فئات الشعب.
ومن ناحية أخرى، يعتقد ما نسبته 7,46 في المئة من الأردنيين بأن مجلس النواب الحالي لا يمارس صلاحياته بمساءلة الحكومة، مقابل 4,36 في المئة يعتقدون بعكس بذلك. وينعكس هذا التقييم على مدى رضا المستجيبين عن أداء المجلس، إذ بلغت نسبة الراضين عن أداء المجلس عموماً فقط 39 في المئة. وهناك انطباع لدى أقل من ثلث المستجيبين فقط بأن المجلس كان ناجحاً في سن القوانين لمعالجة مشكلة البطالة والفقر والفساد. أما في سن القوانين لمحاربة ارتفاع الأسعار، فتنخفض النسبة إلى أقل من الربع. وبالمجمل، فإن المجلس لا يتمتع بثقة غالبية المواطنين.
وتتطابق نسبة الراضين عن أداء المجلس عموماً مع نسبة الراضين عن أداء النواب الذين فازوا في دائرة المستجيب الانتخابية، إذ بلغت النسبة 39 في المئة. ويعني هذا أن المواطنين لا يفرقون بين أداء المجلس عموماً وأداء نواب دوائرهم الانتخابية لغايات التقييم.
وفيما يتعلق بتواصل النواب مع الناخبين كانت نسبة من يعتقدون بأن هذا التواصل كان كافياً قليلة، إذ بلغت نحو ثلث المستجيبين، وتقابلها نسبة مماثلة بأن متابعة نواب الدائرة الانتخابية لقضايا ومشكلات الوطن الأساسية وقضايا ومشكلات الدائرة الانتخابية كانت كافية.
وعن إعادة انتخاب نواب الدائرة الانتخابية قال 24 في المئة من المستجيبين انهم سيعيدون انتخاب نوابهم الحاليين في حال جرت انتخابات في الوقت الحاضر، بينما أفاد 64 في المئة بأنهم لن يقوموا بذلك.
وهناك الكثير من التصورات والمواقف التي تساهم في خلق موقف لدى ثلثي المستجيبين بعدم إعادة انتخاب النواب الحاليين، ومن أبرزها أن 69 في المئة يعتقدون أن النواب كانوا أكثر اهتماماً بمصالحهم الشخصية والعائلية، فيما أفاد 18 في المئة بأن النواب كانوا أكثر اهتماماً بمصالح المجتمع والبلد ككل.
وبلغت نسبة من أفادوا بأن وجود المجلس منذ انتخابه وحتى تاريخ المقابلة لم يؤثر عليهم سلباً ولا إيجاباً 5,60 في المئة، فيما بلغت نسبة من قالوا إن وجوده أثر عليهم إيجابياً 10 في المئة، و 22 في المئة أفادوا بأن وجود المجلس أثر عليهم سلبياً.
وعن التشريعات التي أقرها المجلس خلال السنة الأولى من عمره، أفاد 12 في المئة أنها ستؤثر عليهم إيجابياً، و22 في المئة أنها ستؤثر عليهم سلبياً، و49 في المئة أفادوا بأنها لن تؤثر عليهم إيجاباً ولا سلباً.
أولويات المواطنين
تأكيداً لما ورد في الاستطلاعات السابقة التي نفذها المركز فقد تطابق ترتيب الأردنيين لأولوياتهم في هذا الاستطلاع مع ما أوردوه في استطلاع العام الماضي.
فخلافاً لكثير من التوقعات السائدة لم تكن القضايا الخارجية هي التي تحدد أولويات الأردنيين. فعند السؤال عن خمس مشكلات تواجه الأردن وطلب تحديد أهم مشكلة من حيث أولوية المعالجة، جاءت مشكلة «الفقر والبطالة» أهم مشكلة من حيث أولوية المعالجة وبنسبة 52 في المئة مقارنة مع 58 في المئة في استطلاع العام 2003.
وجاء في الترتيب الثاني «الفساد المالي والإداري» بنسبة 27 في المئة، في حين حلت «القضية الفلسطينية» في المركز الثالث بنسبة 17 في المئة، و«القضية العراقية» المرتبة الرابعة بنسبة 9,0 في المئة، وأخيراً حلت مسألة «تعزيز الديمقراطية وحرية التعبير» بنسبة 2,3 في المئة.
ومع ذلك... فإن محللين كباراً في السياسة الاردنية وجدوا في إعلان نتائج استطلاع الرأي العام، فرصة لتفسير التجربة الديمقراطية والاعلامية في دول المنطقة وخصوصاً في الأردن والبحرين نموذجاً
العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ