العدد 787 - الأحد 31 أكتوبر 2004م الموافق 17 رمضان 1425هـ

الألمان يفضلون فوز كيري بالرئاسة الأميركية

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

صدرت صحيفة «بيلد» الألمانية الشعبية الأربعاء الماضي وهي تكشف لقرائها الخمس ملايين رغبتها في دعم الرئيس الأميركي جورج بوش. ما استدعى طرح السؤال: ألا ينبغي أن تكون الصحافة محايدة؟ ثم هل يعرف الأميركيون «بيلد»؟ على أية حال فإن هذه الصحيفة التي تصدر عن دار «أكسيل شبرنغر» معروفة بنهجها المعادي للعرب والإسلام. وكشف ناشرها هوغو مولر فوغ عن عشرة أسباب بشأن أفضلية فوز بوش بدلاً من منافسه جون كيري، إذ أشار إلى أنه في حال فوز بوش فإننا نعلم كيف يفكر، وكيف يعمل، وإلى أين ستقود أميركا العالم.

وأضاف أن أولويات بوش مواصلة الحرب ضد الإسلاميين ومناهضة نظام المحافظين في إيران الذين وفقا لرأي فوغ يشكلون أكبر خطر على الغرب، وضدهم لا ينبغي سوى استخدام قوة السلاح.

«بيلد» أول صحيفة أوروبية تستخدم الحرب المناهضة للإرهاب والنزاع النووي بين الغرب وإيران للترويج لصراع الحضارات. عوضاً، أن دعوتها لانتخاب بوش لن تروق لكثير من الأميركيين الذين سيجدون تدخل صحيفة شعبية ألمانية للتأثير على مجرى انتخابات ديمقراطية لا تنم عن وعي ومسئولية تجاه العمل الصحافي النزيه. على أية حال فإن الحملة التي بدأتها الصحيفة لم تؤثر حتى على رأي الشعب الألماني، إذ أشارت عملية استطلاع للرأي تمت لحساب مجلة «شتيرن» أن غالبية الألمان يحبذون فوز كيري 59 في المئة مقابل 31 في المئة يفضلون ولاية ثانية لبوش ونسبة 10 في المئة وجدت صعوبة في التحيز لواحد من الطرفين.

وهناك نقطة مهمة دلت عليها عملية الاستطلاع وهي أن نسبة 53 في المئة من الألمان الذين تم استفتاؤهم أعربوا عن الرأي بأنه سيجري تلاعب في انتخابات الرئاسة الأميركية غداً. وفي تقرير لصحيفة «زود دويتشه» المتجول في منطقة الشرق الأوسط، أورد أن العالم العربي والإسلامي لا يرغب في إعادة انتخاب بوش، إذ إن تحيز الرئيس الأميركي الحالي لـ «إسرائيل» منذ تسلمه منصبه ومنذ أول لقاء تم بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، اتفقا على عزل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. إضافة لذلك فإن بوش بالنسبة للفلسطينيين بالذات أسوأ من بلفور.

وجاء في التقرير أيضاً، أن من بين الأسباب التي تدعو بوش إلى التحيز لــ «إسرائيل» هو النفوذ الكبير للمسيحيين المتطرفين في أميركا الذين يساندون «إسرائيل» بصورة أكبر من اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة، ويعتبرون أن وقوفهم لجانب الدولة العبرية واجب يفرضه عليهم الكتاب المقدس، ولذلك فهم يعارضون قيام دولة فلسطينية مستقلة. ولاحظت الصحيفة أن صراع الحضارات لم يكن له أثر بالغ مثل الشكل الذي برز به في عهد بوش الذي استغل حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 ليشن حملته الصليبية على بلدين مسلمين هما أفغانستان والعراق.

على صعيد آخر فإن من يقرأ وجوه أعضاء الحكومة الألمانية بدءاً بالمستشار غيرهارد شرودر يستطيع أن يتصور أن غالبية السياسيين الألمان يقفون إلى جانب الرأي العام الألماني ويفضلون فوز كيري. ومنذ وقت يعتبر السياسيون الألمان أن بوش يستخدم الآلة العسكرية الأميركية كأبرز وسيلة من وسائل السياسة الخارجية الأميركية وأنه خرج منذ وقت عن الإطار المشروع للحرب المناهضة للإرهاب بانفراده بقرار غزو العراق بالتحالف مع بريطانيا وضد رغبة المجتمع الدولي. هذه المرة قرر شرودر التحفظ حيال انتخابات الرئاسة الأميركية وعلى غير عادته. وأبلغ شرودر محطة «إفد» نحن نعرف الرئيس بوش. أما منافسه كيري فقد حصلت على فرصة الحديث لوقت قصير معه حين شاركنا في تشييع الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، مضيفاً «نحن نعمل بصورة مرضية مع بوش». لكن شرودر سرعان ما يسترسل بالإشارة إلى أن المنافسة ستكون قوية ثم يؤكد ضرورة التزام الحياد.

انه الحياد الذي لم يلتزم به المستشار الألماني حيال انتخابات الرئاسة في أفغانستان. فقد قام بزيارته الأخيرة لهذا البلد بعد يوم واحد على توجه الناخبين الأفغان لأول مرة إلى صناديق الاقتراع، وقال شرودر إنه لا يخفي تأييده للرئيس حامد قرضاي. لكن ما بوسع شرودر القيام به في أفغانستان ستنشأ عنه كارثة إذا انحاز لطرف ضد آخر في انتخابات الرئاسة الأميركية. وخصوصاً أنه منذ البداية لم تنشأ علاقة متينة بين بوش وشرودر.

بعد أول لقاء تم بينهما في البيت الأبيض تسربت لوسائل الإعلام الألمانية محتويات محضر الجلسة وجاء فيه قول المستشار «نحن ندعم (إسرائيل) من دون الكشف عما نقدمه لها في وسائل الإعلام». عوضاً عن ذلك صرحت وزيرة العدل الألمانية السابقة هيرتا دويبلر غمالين أن بوش لديه طموحات مثل هتلر. استقالت الوزيرة بسبب هذه المقارنة التي اعتبرها بوش إهانة شخصية. وكان بوش يتمنى خسارة شرودر الانتخابات العامة في سبتمبر 2002 وخصوصاً أن المستشار الألماني عارض حرب العراق وراح يحذر من نتائجها الأمر الذي ساعد في ظهور موجة معادية لبوش في ألمانيا. بل على النقيض جرت مظاهرات تندد بالزيارة وهذه سابقة في تاريخ العلاقات الألمانية الأميركية.

تقول مصادر إعلامية في برلين إن الحكومة الألمانية بغض النظر عن ما سيحدث بما يتعلق بالعراق، في المستقبل، فإنها لن تتراجع عن قرارها بعدم إرسال جنود ألمان إلى العراق. لكن المراقبين يتوقعون أن تتراجع ألمانيا عن موقفها في حال حصول تغيير في البيت الأبيض بعد تاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. فقد أعلن كيري خلال الحملة الانتخابية أنه سيدعو إلى مؤتمر دولي لحل أزمة العراق وأنه سيتعاون حتى مع الدول الأوروبية التي وصفتها إدارة بوش بأوروبا القديمة لأنها عارضت الحرب.

وتعتقد برلين أنه في حال فوز بوش بولاية ثانية ستصدر مبادرات جديدة بصدد العراق كما تأمل برلين بأن تعير إدارة بوش أهمية أكبر لسياستها تجاه النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. يرى غالبية السياسيين في برلين أنه ليس من المنتظر أن يضفي كيري تغييراً ملموساً على الياسة الخارجية الأميركية. من المحتمل أن يمسك منصب وزير الخارجية ريتشارد هولبروك وبمنصب وزير الدفاع السفير الأميركي في برلين دان غوتس. خلافاً لبوش تعتقد برلين أن كيري أكثر انفتاحاً على العالم عوضاً أنه أمضى بعض الوقت في شبابه في ألمانيا

العدد 787 - الأحد 31 أكتوبر 2004م الموافق 17 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً