نوابنا الأفاضل - أطال الله في أعمارهم - لم يتركوا فرصة إلا وطالبوا فيها بمكرمات للشعب خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار النفط التي تبلغ نحو 50 دولاراً للبرميل، وهذا كله من فضل الأصوات التي سينالها النواب ونتمنى أن يحصل كل نائب على 500 دينار هذا الشهر أسوة ببقية العوائل الضعيفة التي بعضها لا يجد ما يسد رمقها في هذا الشهر الكريم والمصروفات الأخرى. وإذ إن ذلك يكلف الخزينة نحو 35 مليون دينار فيحق لنا أن نتساءل «أليس من الأجدر أن تصرف هذه المبالغ على بناء مدارس ومستشفيات وطرق ومساكن للبحرينيين؟» لأن كثيراً من البيوت التي قامت وزارة الإسكان مشكورة ببنائها ذهبت إلى غيرهم ممن وجدوا أنهم يستحقونها لسبب أو لآخر والأفضل عدم الخوض في هذا لأنه يجر إلى بحر عميق أنا بعيد عنه تماما. المكرمات كثيرة بعضها مفيد ولكن يجب أن تصب هذه المكرمات في نهضة ورقي البحرين وأهلها ونذكر بمكرمة الكهرباء وكيف تم استغلالها من قبل بعض أصحاب المصالح الخاصة ومن قبلها مكرمة العاطلين عن العمل وراتب شهر، وكيف أن كثيراً من المحتاجين من ذوي الدخل المحدود لم ينالوا منها شعرة وذهبت في جيوب كبار الموظفين. ولو جمعنا كل هذه المكرمات فسنجد أنها تبلغ نحو 100 مليون دينار قد نستفيد منها في بناء مدارس جديدة وطرق ومساكن إذ نعلم جيدا أن أصحاب طلبات قدمت قبل 12 عاما لايزالون على قائمة الانتظار عسى الله أن يفرجها قريبا.
يا سادة يا كرام، العمل الوطني ليس بالتفاخر بعدد أو كثرة المقترحات التي يقدمها النواب للتصديق عليها ولكن بنوع وفائدة هذه المقترحات إلى البحرين وأهلها، فكم من مقترح تقدم بها نواب وجد طريقه إلى النسيان بسبب ضيق الأفق.
البحرين لاتزال في حاجة ماسة إلى بنية تحتية قوية ونحتاج إلى مليارات لتنفيذ مشروعات الطرق وخصوصاً أن بعض القرى وبعض البيوت السكنية كأنها آثار، ومازلنا نستأجر مدارس بأسعار خيالية كل هذا ونحن في عصر الطفرة فما بالكم في السنوات العجاف؟ والشيء الغريب أن معظم الكتل تساند بعضها بعضا من أجل مقترحات ليست ذات قيمة وكأنما هم يقولون لبعضهم بعضاً «شدني واشدك» ومن هذا المنطق يتم تمرير مقترحات تافهة ومضيعة للوقت والجهد.
لا يا سادة يا كرام، ليست هذه المطالب التي كان أهل البحرين يطالبون بها وضحوا من أجلها... برلمان يلف ويدور حول نفسه. إنه عمل وطني يجب أن نضع حدا لهذه المزايدات والالتفات إلى الحاجات الأساسية مثل خفض رسوم الجامعات عن الطلاب المحتاجين وغيرها مما يساعد على تأهيل الجيل القادم ووضع المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة، وعلينا أن نساند بقوة مقترحات وتوجهات سمو ولي العهد الخاصة ببناء مدن ومساكن وحتى تصحيح سوق العمل. البحرين بلد صغير وكان من المفترض أن تكون جنة عدن، ولكن يبدو أن الفقر لا يزال يقرع أجراسه في البيوت على رغم كثرة المكارم والصناديق الخيرية المنتشرة في المملكة ولكن يبدو حتى أن هذه الصناديق لا توزع الأموال بطريقة منصفة على مستحقيها على رغم كل الطبول التي تقرعها هذه الصناديق. والله من وراء القصد
العدد 780 - الأحد 24 أكتوبر 2004م الموافق 10 رمضان 1425هـ