إن التنوع في الطرح والرأي والانتقاد البناء والمكاشفة كل ذلك من عوامل إثراء الساحة السياسية والاجتماعية. وهنا أحاول إثارة بعض الأسئلة والمداخلات عن الحراك السياسي والاجتماعي في البلد، وبما أن الجمعيات السياسية، تمثل القلب النابض للمجتمع المدني نزف إليها التهاني بمناسبة الشهر الكريم، بباقة من المنوعات.
المنبر الديمقراطي التقدمي: جهود واضحة في مناهضة مقترح بقانون للجمعيات السياسية، في ظل غياب تام من الآخرين، وكأنه وحده المعني بالأمر، أو انه اللاعب الوحيد في الساحة السياسية!
جمعية الأصالة: عدم اكتمال نصاب الجمعية العمومية ينبئ بخطر داهم يواجه التيار السلفي الذي ابتعد عن ملامسة جوهر القضايا الرئيسية التي تمس حياة المواطنين، ولعل الشيخ أبا عبدالرحمن لمس ذلك، فأثناء الجلسة الأولى لدور الانعقاد الثالث «راح» يستجدي ويستنجد بالحكومة في المساعدة لتمرير بعض المقترحات برغبة، التي تحسّن من مستوى المعيشة وبالتالي تتحسن صورة النواب أمام الناس. ولكن وفي التيار ذاته يبدو أن البعض لا يهمه الناس، وقال في شأن الذين لم يحضروا اجتماع الجمعية العمومية «إن الذي لا تعجبه الجمعية يقدم استقالته ليخفّف العدد الذي يكتمل به النصاب»! ساسة آخر زمن!
جمعية الوفاق: إن تغيب عدد ثلاثة رؤساء للمجالس البلدية، هم أعضاء في لجنة الإسكان والاعمار وفي دائرة المجالس البلدية في الجمعية، يفرض طرح السؤال عن سبب غيابهم عن ندوة الجمعية الأخيرة. وعلى رغم ما قيل عن مكافحة الفساد والسيطرة عليه فإن هناك إثباتات تؤكد وجوده لدى بعض الأعضاء البلديين وبعض الرؤساء أيضاً. ثم ألا يعتبر من الفساد ووضع الأمر في غير مكانه توظيف طيف واحد من بعد انتخاب المجالس البلدية؟ ألا يعتبر من الفساد غض الطرف عن بعض المخالفات القانونية لأن مرتكبها يتمتع بحصانة دينية؟ ألا يعتبر من الفساد الزجّ بأفراد ليسوا أكفاء للمسئولية أو الخبرة إلا لأنهم أخذوا «سطارين» أو تم توقيفهم بسبب شبهة؟!
انتقاد حسن مشيمع للخطاب الطائفي الذي يتحدث عن شيعي قاطع وسني شارك يعتبر شيئاً من الوطنية، وكذلك عدم الضغط على إرادة الناخبين أيام الانتخابات والصراخ في الناس «الجهاد... الجهاد... اليوم الجهاد الأكبر» يعتبر من الوطنية، وأما الشيخ السلفي الجليل لم تسعه الدنيا فرحاً بفوز من ينتمي إلى طائفته فركب السيارة والموسيقى و«الليوه» وغيرها من أمور محرمة كل ذلك بسبب ماذا؟ بسبب ماذا ينسى المرء حواجز دينه ومحرمات يشنع بها على الآخرين، ينسى كل ذلك من أجل الظفر بكراسي طائفية لم يقدم من جلس عليها شيئاً إلى اليوم للمواطنين، والدائرتان في مدينة عيسى، ويشهد الناس على تلك التصرفات الطائفية البغيضة من كلتا الطائفتين. والآن حينما تسأل أياً منهم عن تلك الممارسات يقول لك لم أكن طائفياً وإنني أنبذ الطائفية، ولكن نتأسى بما كتبه دولة رئيس وزراء لبنان السابق سليم الحص: «لم أشاهد في حياتي طائفياً يعترف بأنه طائفي»!
جمعية المنبر الإسلامي: تحدث يوسف البنخليل عن الطوق الحديد والسور الواقي، أو كما يسميه البعض الجدار العازل، وكلام البنخليل في مكانه ويحتاج لمراجعة نقدية لهيكل الجمعية البشري، من ناحية الانتساب الأسري (القرائبية) ومن ناحية الانغلاق والتقوقع الاجتماعي، ولا يفوتني أيضاً في هذا الباب أن أذكر الجمعية بالمستوى النيابي المتواضع جداً جداً من بعض النواب، حتى قام الناس ومن باب التعليق عليه بتسميته «بالنائب السايلنت»! مشكلة الإخوان - كغيرهم - التعصب لمنتمي الجمعية على حساب الحق، ولذلك لا تجد أياً منهم ينتقد منتمياً آخر، بل حتى لو انتقده الناس جميعاً تجده يقف معانداً ومكابراً في تأييد من ينتمي إلى التيار ذاته! والمشكلة الأخرى هي التناغم البطيء مع الحوادث، إذ بعد أسبوع تقرأ بيان الإخوان عن قتل المخطوفين في العراق، ولا نعلم هل هذا التأخير انتظاراً لبيان الحركة الدولية أم سوء إدارة في الجمعية؟
والمساحة لا تسمح بمزيد من الاستطراد، لعلنا نكمل حديثنا في مرات لاحقة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ