قبل شهر تقريباً افتتحت المدارس أبوابها مدشنة عاماً دراسياً جديداً لأبنائنا في مختلف المراحل ابتدائية وإعدادية وثانوية، بعد عناء مالي طويل في سبيل توفير أبهى زينة وحاجات المدرسة من حقيبة «باربي» ومقلمة ومسطرة «بوكهانتس». وما أن يفرغ الآباء من كابوس بداية مشوار المدرسة حتى يقفز هاجس وقلق آخر وهو خشية ضياع وتشتت هوية الطفل الذي تخرّج للتو من عتبات الروضة مخلفاً وراءه طفولة تحمل في طياتها كل معاني حياة الترف والبذخ المادي، ليبدأ حقبة المدرسة وما يرافقها من جدّ ونسيان أفراح الروضة جانباً تحت أدراج ذكريات طالبٍ على وشك الالتحاق بالمدرسة، (ولكنه متخرجٌ للتو وبشهادة امتياز من روضة الأطفال) منتقلاً إلى حياة جامعة لمختلف صنوف وأطياف المعرفة من رياضيات وعلوم وعربي وإنجليزي... إلخ لتتراكم جميعها في حقيبة مليئة بالكتب تلقى على كاهل الطفل ابن السنوات الست.

كثيرة هي مخاوف الآباء على أبنائهم الطلبة في المرحلة الابتدائية، وخصوصاً حينما تكون المدارس خليطاً من مرحلتين (الابتدائية والإعدادية)، فيلاحظ الآباء وبشكل متزامن عودة الطفل من المدرسة بعد خروجه بأبهى زينة إلى البيت بشكل آخر، فيختلف إيابه تماماً عن لحظة ذهابه.

البعض عزا السبب إلى جهل الطفل بترتيب وإعادة حاجاته إلى سابق عهدها، في حين تعزو الغالبية الأمر إلى ضعف الرقابة والإشراف في المدرسة التي تفتقر إلى الإمكانات اللازمة التي توجب تأهيل تربويين لكلا المرحلتين، حتى تكون نتيجة الرقابة عادلة ومتوازنة. والأفضل أن تكون متفرعةً على حسب التخصص، أي المشرفين التربويين، الذين يتولون الاهتمام بالطالب المراهق إذ تختلف معايير الإشراف والرقابة عليه من الرقابة على طفل رياض الأطفال.

تعددت الأسباب... لكن يبقى الهدف واحداً نسعى إلى بلوغه، وهو الرقابة التربوية على الطالب، وهذا غيض من فيض، من سيل كثيرٍ من تذمّر الأمهات اللاتي يشقن عناء الطريق الطويل الذي يفصل بين مسافة المدرسة عن البيت في سبيل مرافقة وحماية الطفل الذي يشكو من سوء المعاملة التي قد يتلقاها من طالب أكبر منه سناً. وبسبب غفلة البعض نرجو الصحوة المبكرة بدلاً من ضياع جيل بأكمله، فهل من مجيب؟