مازالت دعوة رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان إلى اختيار إدارة بديلة عن مجلس إدارة الوفاق الحالي تحتاج إلى معالجة موضوعية، ربما تكلف الكثير لمن يدعو إليها، في ظل واقع شعبي لم يكرس فيه الرموز حرية النقد السياسي بمقدار تكريس الــرمزية واقـعاً مهيمـناً على السـاحـة، مع فارق أن النـقد هنـــا لا يـــأتي مــن منـــاوئين للـــدين ليقمع، وإنما يأتي من صلب التيار الديني، ومن أكثر أبنائه عشقاً له وخوفاً عليه.
دعوة سلمان إلى اختيار قيادة بديلة تصطدم بمعطى سياسي يعتمد تفضيل رمز على رمز، وحصر القيادة في دائرة أحادية لا تخضع لمعايير التنافس، فضلاً عن كونها تغيب الكفاءات الأخرى التي لا تقع تحت مظلة الرمزية، وإذا كان لها حظ، فلقربها من الرمزية ودعم الرمزية لها، مع إبعاد معيار الكفاءة في الاختيار، وهذه سمة أخذتها المعارضات السياسية من الحكومات المستبدة، فكانت نسختها الثانية في الاستبداد والحجر على الرأي والصوت الآخر. ويبقى السؤال: كيف لرمزية أن ترشح نفسها في قبال رمزية أخرى، إذا كانت هذه الأحادية في الاختيار مقررة من أعلى الهرم السياسي؟ وكيف للناس أن تفاضل وتختار إذا كان الخيار محسوماً من البداية باتجاه شخص بعينه؟ وهل يمكن للناس أن ترشح خارج إرادة الرمزيات المطلوب منها إطاعتها؟
والسؤال الأهم: ما مصير الكفاءات والصفوف الثانية والثالثة إذا تم حصر القيادة في أشخاص بعينهم؟ وهل يمكن للمؤسسة أياً كانت ضخامتها أن تنمو تنظيمياً تحت مظلة الأحادية والفردية؟ أليست مثل هذه الأطروحات سبباً في ضياع «الوفاق» - المؤسسة، وتشتت كفاءاتها، وحصر العمل السياسي بكل ملفاته المرهقة في أشخاص بعينهم، وكأنهم محور الكون؟ أليس هذا هو الخلل في المؤسسة وفي القيادة المطلوب علاجه؟ وهل يتغير بمجرد دعوة تحد تستند إلى موروثات رمزية ونضالية: بأن غيروا إدارة الوفاق؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ