أن يتحمل المراهق نتيجة افعاله هو أفضل أسلوب يمكن للآباء أن يربوا ابناءهم على اساسه لأنه يقودهم الى النضج العقلي والاجتماعي.
هذا ما يؤكده علماء التربية النفسية لأنه يعوّد الابناء المراهقين على تحمل مسئولية تصرفاتهم... ويربي لديهم روح الاستقلالية... إلا أن ذلك أيضا يعتمد على كيفية استخدام الاباء لهذا الأسلوب في التربية... إذ قد يتحول الأمر بينهم وبين ابنائهم الى صراع وشجار لا يريده هؤلاء الآباء ويأتي بنتائج عكسية.
اذا هناك طريقة صحيحة تم تجريبها من قبل خبراء التربية وتمت الاستفادة منها وجاءت بالنتائج الايجابية من خلال استخدام نتائج افعال الابناء لتقويم سلوكهم.
هذه الطريقة هي الطريقة الديمقراطية في استخدام النتائج الطبيعية والنتائج المنطقية لتعديل سلوك الابناء.
فالطريقة المتسلطة تخلق نوعاً سلبياً من الصراع بين الآباء والابناء نحو من هو الاقوى وقد يدفعهم ذلك الصراع الى التمرد... ولن يصل الآباء الى الهدف من العقاب وهو تعديل سلوك الابناء وتطوير روح المسئولية والاستقلاليه لديهم.
والأمر نفسه ينطبق على الطريقة المتساهلة... لكن اذا استخدم الآباء الطريقة الديمقراطية فانهم سيخلقون نوعاً من الصداقة والتفاهم والاحترام بينهم وبين ابنائهم... وستتاح الفرصة لابنائهم لكي يتعلموا من اخطائهم... ويتحملوا مسئولية قراراتهم التي يختارونها من عدة خيارات يضعها لهم آباؤهم لتعديل سلوكهم... وسيخلق ذلك نوعاً من الحوار بينهم وبين ابنائهم... وسيدفع الابناء الى الجرأة الصحية لاكتشاف المزيد من امور العالم حولهم.
ونتائج الافعال التي يستخدمها الآباء لتقويم سلوك ابنائهم هي النتائج الطبيعية والنتائج المنطقية... وهي ما قد أتيت بامثلة له في الحلقات السابقة وكيفية التعامل معها ليعود اليها القارئ المتابع لهذه الحلقات.
الا اني سأعطي مثالاً بسيطاً للنتائج الطبيعية وثم مثالاً آخر على استخدام النتائج المنطقية:
بالنسبة لاستخدام النتائج الطبيعية... فهذا المثال سيوضح الصورة:
مراهق قالت له والدته انها قد وضعت وقتا محددا لمن يريد ان يغسل ملابسه من ابنائها أو زوجها... ثم بدأت الغسيل.. وجاء ابنها بقميصه يريدها ان تغسله... عندئذ على الأم ان تستخدم النتيجة الطبيعية لعدم التزام ابنها بما قالت بأن ترفض أن تغسل قميصه خلال ذلك اليوم وتتركه الى اليوم التالي حتى لو كان بحاجة إليه.
اما عن النتائج المنطقية وكيفية استخدامها لتقويم سلوك المراهق... فهذا المثال الذي سأطرحه سيوضح الأمر للآباء الذين لم تسنح لهم الفرصة لقراءة الحلقات السابقة:
اذا قالت الأم لابنتها ان عليها المجيء الى البيت الساعة العاشرة مساء وجاءت الساعة الحادية عشر بدلاً من ذلك فان على الابنة ان تدرك بانها ستتحمل النتيجة المنطقية لتأخرها... لانها لم تنفذ وعدها لامها... فتقوم الأم عند ذلك بحرمان ابنتها من مشاهدة حلقة مفضلة لها خلال اليوم أو من الخروج مع صديقاتها في يوم الاجازة المقبل.
وهنا عليّ ان أوضح أمرا مهماً... وهو أن خبراء التربية يؤكدون أن عقاب النتائج المنطقية للابناء المراهقين يجب ان يكون قصيراً. لان تطويل مدة العقاب لا تؤدي الى أهدافها الايجابية في تنمية الاحساس بالمسئولية في الابن المراهق نفسه... فهو بحاجة إلى ان يكون لديه وقت ليتمرن على تنفيذ ما وعد به والديه من تحسين سلوكه... كما أن العقاب الطويل يخلق روحاً من التمرد والعصيان لدى المراهق ولا يصل بالوالدين الى تعديل سلوك ابنائهم... إلا في حال تمادي الابن المراهق في اهماله لدروسه مثلا على رغم حرمانه أسبوعاً من يوم اجازته... فإن على والديه متفقين ان يوقعا عليه عقاب اشد قليلا بان يحرم أسبوعين من اجازته الأسبوعية. وهكذا يتدرج العقاب حتى يشعر الابن ان لا مفر له من الالتزام بما وعد به والديه... ولا ينسى الآباء توضيح سبب العقاب لابنائهم... وماذا يتوقعون منهم... ويحددون أهدافهم امامهم في انهم يريدون منهم ان يكونوا أصحاب شخصيات مستقلة ومسئولة وناضجة ليصلوا الى النجاح والرضاء عن انفسهم مستقبلا
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 757 - الجمعة 01 أكتوبر 2004م الموافق 16 شعبان 1425هـ