عادت إجازة الصيف بالنسبة إلى البعض بأسرع من البرق، والبعض القليل، على ما أظن، استبطأ أيامها التي تزحف بزحف السلحفاة... إجازة الصيف التي تتجاوز الشهرين بأيام أحسب المستفيد الأكبر منها المدرسين والطلبة بشكل خاص... ولكني، على ما أظن أيضا، أن الوزارات والهيئات عموما تبقى باحاتها مفتوحة للموظفين الإداريين والمستضعفين القابعين خلف المكاتب المكتنزة بالأوراق.
لا شيء جديد إلى حد الآن... ولكن من يتسلم مهمات حمل هموم الناس إلى المعنيين في هذه الوزارات بسطور تكتب على صفحات متخصصة لذلك يكتشف العجب العجاب!
طوال أشهر السنة الماضية كانت إدارات العلاقات العامة في تلك الوزارات والهيئات على اتصال، لنقل شبه دائم، بالصحيفة لأخذ بيانات أصحاب المشكلات التي تسطر في «كشكول»، وكل فيما يعنيه... وإن كانت هذه الاتصالات تأتي غالبيتها صوتا عبر اللاسلكي يسجل حضورا فقط لا غير، وذلك بحسب شهادة أولئك الذين ما لجأوا إلى عرض همومهم في الصحف إلا بعد أن استنفدوا كل السبل للوصول إلى حل لمشكلتهم... فلا الوزارة اتصلت بهم ولا وجدوا بصيصا من نور... بل زادهم ذلك إحباطا على إحباطهم، وبعضهم أخذ يكيل التهم على الصحيفة بالتقصير كونها في نظر غالبية القراء «حلال المشكلات» لكل نائبة وطائلة، ولا يجوز أن تمر عليها المشكلة هكذا مرور الكرام من دون اللجوء إلى كل حيلة سواء مشروعة أم غير ذلك وإلا تكون قد تخلت عن مبدأ من أهم المبادئ التي تبنتها وسعت إلى تطبيقها، ألا وهو الالتفات إلى هذا الشارع المشحون بالآهات ومحاولة تسكينها.
أتت الإجازة... وللمرة الأولى أعلم بأن للاتصالات أيضا حقا في إجازة صيفية تريح بها أسلاكها المجهدة من «هدرة» الدوام وقليل من مراجعات المواطنين... ولي عذري في ذلك الجهل، كوني الشاهدة وموظفي بدالة «الوسط» أكثر من غيرنا على هاتف الصحيفة الذي لا يكف وهلة عن الرنين، وكأنه وحده المستثنى من الاجازات ومن الراحة ولو لساعة واحدة... هذا إذا ما استبعدنا من القائمة هواتفنا الشخصية التي هي تحت إمرة القراء الأفاضل في أوقات محددة غالبا ما تتجاوزها إلى كل الأوقات!... أي أن مشكلات المواطنين لم تأخذ يوما للهدوء، ولا هم فكروا لحظة في أن الدنيا كلها يجب أن تكون في إجازة ولذلك لا جدوى من بعث الرسائل الشاكية للحق المسلوب إلى الصحيفة لنشرها، إذ لا طائل منها و«الدنيا إجازة»!
وزارة كانت على اتصال - حتى وإن لم تأت وراءه فائدة - بدأ يخف تدريجيا إلى أن أراحت نفسها من وجع الدماغ نهائيا... وزارة أخرى اتصالاتها تأتي بحسب أهوائها أو ربما فزعها من تهويل مشكلة ما ربما توقعها فيما لا يحمد عقباه... ووزارات وهيئات في سبات دائم، في الإجازة وغير الإجازة!
وهذا لا يمنع زهرة من النبات في الأراضي القاحلة، إذ لا يمكننا نكران بأن هناك جهات - وإن لم يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة - تشرفنا دائما بتواصلها معنا وبردها السريع على كل مشكلة... إلا تلك «العويصة» التي ربما تؤخذ بمأخذ ضدها وليس لها!
فتح لنا المجال في الصحافة لنقل كل ما يختلج في نفوس أفراد هذا الشعب، صغيرهم قبل كبيرهم، فقيرهم قبل غنيهم، وبمختلف الطبقات والأشكال والفئات والألوان... ووضعنا شروطا على أنفسنا بألا نحمل الإساءة إلى أي أحد أو أية جهة ولو كانت تثقل بالصدق... ومنحنا الحق للجميع بعرض الرأي والرأي الآخر من دون تجريح... كل ذلك أملا في الوصول إلى أن لم نقل حلولا فأشباه حلول نهدئ بها النفوس قبل ثورتها التي لاشك ستأتي بنتائج وخيمة لن يستثنى من ضراوتها أحد... لكن مع الإجازة وأسلوب السبات المتبع، عنوة أو اختيارا لا ندري، من قبل تلك الوزارات والهيئات لن يطولنا إلا مزيد من القهر الذي لا شك سيولد انفجارا سيأتي على رؤوسنا جميعا.
المطلوب ليس بالكثير... مجرد التفات إلى هذه المشكلات... متابعتها... الوقوف على أبعادها وجوانبها... المطلوب توضيح الأمور لا أكثر... والمطلوب قبل كل شيء فسحة قلب لقراءة المشكلة والشعور بما تحويه فذلك لاشك سيفزع كل صاحب ضمير فيبادر بالاتصال بالصحيفة وأخذ بيانات الشاكي... وما نأمله أن يكون اتصالا مثمرا جل همه إعطاء كل ذي حق حقه بعد تبين الأمور.
مع القراء
- هاتفنا كثير من أولياء الأمور يشكون عدم تبني الصحيفة لمساهمات أبنائهم الصغار مع عرض صورهم... وفي هذا لا يمكننا أن نلومهم، فكما للكبار حق فلأطفالنا الصغار كل الحق في البروز... وخصوصا أن من أهداف أية صحيفة، وخصوصا «الوسط»، الوصول إلى المجتمع بجميع شرائحه وفئاته، والصغار هم بداية الطريق للوصول إلى ذلك الهدف.
وليعذرنا براعمنا كون الصحيفة لم تخصص صفحة لهم منذ البداية... فلكل زمن ظروفه... إذ يسر الصحيفة أن تعلن لأحبابها الصغار فتح أبوابها لتسلم رسائلهم ورسوماتهم، واستثناء لهم وحدهم يسرها ان تستقبل صور براعمها الصغيرة لتزين بها هذه الصفحة ولتتعرف على مواهبهم المكنونة ومحاولة تحفيزها واستثمارها في كل ما فيه خير سيعود على صاحبها أولا وعلى المجتمع ككل ثانيا. فأهلا بكم.
- ولي أمر آخر هاتفنا يشتكي جامعة البحرين (الصخير تحديدا) لعدم توفيرها لمواقف سيارات كافية للطلبة ومن الفوضى وعدم مساهمة رجال الأمن في تنظيم عملية سير السيارات والحصول على المواقف بسرعة... إذ يقول إن ابنته فاتتها محاضرتان ولم تزل تبحث عن موقف لسيارتها من دون جدوى... وهذا فاكس نوجهه إلى الجامعة كون اتصالات كثيرة نتلقاها تشكي المشكلة نفسها وكلنا أمل في دراسة المشكلة ومحاولة حلها في أقرب فرصة.
- رسائل كثيرة تصلنا تحمل بين طياتها موضوعات تستحق النشر فعلا، بل والالتفات إلى ما تتضمنه من مقترحات وإٌشارات إلى أمور ربما كنا غافلين عنها... ولكن يحز في نفسنا ألا تأخذ هذه الكتابات طريقها إلى النشر بسبب سهو صاحبها من ذكر اسمه، أو إسقاط اسمه عن عمد إذا كان الموضوع يحمل شيئا من الحساسية أو الحرج بالنسبة إليه... ونحن نكرر على قرائنا الأفاضل ضرورة تذييل رسائلهم بأسمائهم وأرقام هواتفهم حتى يتسنى لنا متابعة الموضوع إذا كان يحمل مشكلة ما مع الجهات المختصة، علما بأن الصحيفة تضمن للقارئ الاحتفاظ بسرية بياناته وعدم نشرها على صفحاتها. أما إذا كان الموضوع يحمل رأيا أو أبيات شعر فيسعدنا التعرف إلى صاحبه... وليعذرنا الجميع إن لم نتمكن من قبول الكنية أو الأسماء المستعارة لأن ذلك يتنافى مع مبدأ الصدقية في كل ما ينشر والذي تبنته «الوسط» منذ بداية صدورها
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 746 - الإثنين 20 سبتمبر 2004م الموافق 05 شعبان 1425هـ