يستميت بعض النواب، ليس من أجل تحقيق دولة القانون، التي أقسموا على العمل من أجل تحقيقها، بل من أجل تعطيلها وتجميد قوانينها، وفي سبيل تأجيل قيامها. يقوم هؤلاء النواب بجولات مكوكية ظاهرة وأخرى مستترة، حفاظاً على مصالحهم أو مصالح كبار الموظفين والملاك، الذين يملكون «الاساطيل البحرية» أو «محطات معالجة مشتقات النفط» أو «ثلاجات التصدير الكبيرة». وهذه «الهوامير الكبيرة» اتفقت على تدمير البيئة البحرية وتعاضدت مع قوى الاقطاع الجديد و«المافياوات الضاغطة» التي تمتطي حصان الطائفية الأعرج تارة وحصان القبلية الأهرج تارة أخرى. وعلى رغم أن عمل البرلمانات أصلاً، وفي كل أنحاء العالم هو إصدار وتفعيل ومراقبة تطبيق القوانين، فإن نوابنا الأفاضل يخالفون هذه القاعدة بشكل سافر. وعلى رغم انهم أقسموا بأن يصونوا الدستور وأن يعملوا وفق القوانين، فهل حافظوا على هذا القسم؟
لا يمكن تبرير تصرفات بعض النواب في محاولة التستر على تدمير الحياة البيئية البحرية، مستغلين نفوذهم وموقعهم في البرلمان أبشع استغلال، أو بالوقوف مع «الهوامير الكبيرة» و«مافياوات» البحر، والسعي من خلال مواقعهم النيابية ومن خلال المقابلات المتعددة مع أطراف مختلفة في القيادة السياسية من أجل تجميد القوانين بدلاً من تفعيلها!
دولة القانون التي يريدها شعب البحرين، قائمة على العدل الاجتماعي والمساواة، وبحرنة مختلف قطاعات الدولة، وليس التخطيط المخابراتي، وتزلّف أصحاب النفوذ ممن يملكون أكثر من 3 رخص في مخالفة صريحة لما اتفق على تسميته «قانون النوخذة البحريني!».
وهنا نطرح بعض الحقائق التي تبتغي «مافياوات البحر» اخفاءها عن المواطنين وبعض النواب:
- غالبية سفن صيد الروبيان معفاة من دفع اقساط بنك التنمية أثناء فترة المنع!
- وجود (376) رخصة صيد، النشط منها 120 فقط، ذلك في العامين 2002 و2003م.
- في العام 2002 و2003م (120) سفينة صيد في قبال (180) سفينة نشطة في 2004م، بحسب التقرير الفني رقم (86) الصادر من إدارة الثروة السمكية.
- وجود (116) بحرينياً نوخذة، بحسب إحصائية خفر السواحل.
- انضمام (228) بحرينياً ممن عملوا نواخذة في فترة تطبيق القانون، إلى لوحة شرف العاطلين عن العمل.
ثم، يتحجج كبار الملاك بعدم وجود نوخذة بحريني! فلماذا لا يدخلون هم البحر إن كانوا من أهل البحر، أم لأن معظمهم من أصحاب الوظائف والمداخيل المرتفعة، وإن البحر هو لمجرد لزيادة الرفاهية فقط، كما صرّح أحد النواب في رده على مقال سابق بأن منهم من «استثمر أموالاً في شراء سفن وعدة الصيد»، وكذلك نكتة «الأربعة أقراص خبز» خير دليل على ذلك، فالشيخ المعاودة بدلاً من أن يكحّلها عماها!
خاب ظنّ الناس في المجلس النيابي في كثيرٍ من القضايا، لعلّ أشهرها قضية التجنيس وكيف تم قبرها، وقضية التأمينات والتقاعد إذ انبرى النواب في الدفاع عن الوزراء، حتى خرج أحدهم وقال مقولته الشهيرة بأن التجاوزات حصلت قبل 14 فبراير/ شباط! وكأن من فعل ما فعل... وبدّد ما بدّد من أموال الشعب، مغفورٌ له ما فعل قبل 14 فبراير ولا تثريب عليه! ألم يقرأ هؤلاء النواب، وغالبيتهم من الإسلاميين، سيرة عمر بن عبدالعزيز وإرجاعه لحقوق الناس، ولم يقل كان ذلك في زمن أبناء عمومتي، بل قام بردّ ما تم سلبه من غير وجه حق. وهكذا تبقى قضية النوخذة البحريني محكاً جديداً للنواب، فهل ينبرون للدفاع عن البحارة وبناء دولة القانون... أم يجمّدون القانون بناء على رغبات الهوامير والمتنفذين؟ ذلك ما سنشهده في الفترة المقبلة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 738 - الأحد 12 سبتمبر 2004م الموافق 27 رجب 1425هـ