العدد 737 - السبت 11 سبتمبر 2004م الموافق 26 رجب 1425هـ

البحرينية بين ثنائية التسلط والخضوع في مجتمعها

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

عندما نقرأ التاريخ المعاصر لشعوب منطقتنا العربية وتحديداً ما يتعلق بملف المرأة، فانه بلا شك قد شهد تطوراً نسبياً في وضعية المرأة، إذ يظهر ذلك جلياً في توسع تعليم المرأة إلى مشاركتها في سوق العمل ونشاطها الاجتماعي.

ليس هذا فحسب بل ان بعض المتغيرات أثرت نوعاً ما في عدد من العادات والتقاليد الاجتماعية التي تتصل بمكانة المرأة ودورها في المجتمع. وقد ينطبق الشيء ذاته على مشاركتها في العمل البرلماني والبلدي اللذين قد يقيسان مدى درجة الوعي في المجتمعات العربية وتقبلهم التصويت أو ترشيح المرأة في أية جولة من جولات الانتخابات النيابية أو البلدية.

وقد يكون ما حدث مع تجربة البحرين نموذجاً يكشف عن تحول اجتماعي انجلى بصورة مختلفة عما كان عليه في فترة السبعينات مثلاً، ونظرته إلى المرأة في موقع المسئولية والثقة، وهو ما يعبر عن وجود توجه آخر يعادي دعمها للحصول على مقعد انتخابي في كل انتخابات مجالس البلدية أو النيابية على رغم المكتسبات التي تتمتع بها البحرينية مقارنة بمثيلاتها في دول الخليج.

ومع ذلك فإن التوسع العلمي والعملي مازال كمياً وليس نوعياً، سواء في مجتمعنا البحريني الصغير أو في المجتمعات العربية الأخرى. وهو ما أدى إلى تراجع نسبي في وضعية المرأة وتقدمها في وقتنا الحالي حتى وإن تبوأت المناصب الوزارية والقيادية. فمن الملاحظ أن عدداً من النساء اللواتي حملن أفكارا وعملن في سبيل تحرير المرأة سرعان ما عدن إلى الاعتراف بالوضع الراهن، بل حتى تراجعن عن مطالبهن وعدن إلى عقلية الرجل ومكانته الأعلى إلى الاعتبار بأن الزواج هو الهم الاساسي والوحيد لمستقبلهن.

ولو نظرنا إلى أسباب ذلك فهي تكمن في الموروثات الاجتماعية والثقافية وحتى الاقتصادية... فإن لم تكن المرأة مثلاً مستقلة اقتصادياً فان السيطرة عليها أسهل مما إذا كانت غير ذلك.

وعلى رغم ذلك فانه يقع على كل من الرجل والمرأة ودرجة وعيهما للأنظمة الأبوية الاستبدادية التي نشآ عليها والتي تقوم على ثنائية التسلط والخضوع. أي ان المرأة تخضع لقانون الدولة العام المبني على المساواة بين الرجل والمرأة، والواضح في بنود الدستور، بينما تخضع لقانون آخر وتصبح جنساً أدنى ليس له حق المطالبة بحقوقها أو الدفاع عنها بمجرد اللحظة التي تخطو عتبة منزلها الأسري أو الزوجي... وهو قانون تمييزي بمعنى الكلمة.

وقد نلاحظ تفشي ذلك أيضاً في مجتمعنا البحريني الذي تخرج منه أصوات ذكورية تتشبث بشعارات احترام الحريات العامة إلى ضرورة سن الديمقراطية فاذا بها تفرض قوانين تمييزية مع زوجاتها وبناتها تحت حجة الموروثات الاجتماعية، وهي صورة متناقضة لا تعيها إلاّ فئة قليلة للأسف في مجتمعنا الذي هو اليوم غارق في أفكار وعقليات تتستر تحت غطاء الدين والجهل في ظل غياب أصوات نسوية واعية غير متشددة.

والواقع أن هذ التراجع يعكس بصورة خاصة بين حقوقنا وواجباتنا كمسلمين أو غير مسلمين، وبين حقوقنا وواجباتنا كمواطنين كالذي يظهر في طاعة المرأة لزوجها باعتباره تنازلاً عن قابليتها على التفكير والاستقلال الذاتي. وهذا أيضاً ما يتناقض مع اتفاق حقوق الإنسان الذي ينص على المساواة بين المرأة والرجل، وعلى حرية الرأي والعمل إلى احترام الرأي الآخر.

فإن أراد البعض في مجتمعنا تعميم ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان فعليه ان يفعل ذلك بعيداً عن الازدواجية في الشخصية وفي الافكار. كما ان الأدوات التقليدية المتبعة حتى الآن لم تعد تتواءم مع صورة الانفتاح السياسي الذي تشهده البلاد وحتى مع العصر، فلابد من الاستفادة من تجارب الآخرين، بينما التشبث بالاصولية في الافكار ليس حلاً جذرياً لمشكلات مجتمعنا الاجتماعية أو ما يتعلق بالمرأة .

للأسف ان طبيعة الانظمة السياسية المهيمنة في عالمنا العربي إما عسكرية ديكتاتورية أو أبوية مستبدة مشدودة إلى علاقات اجتماعية تقليدية وعصبيات عائلية أو ريفية أو عشائرية. وهو ما يؤدي إلى قمع طموحات أي امرأة أو رجل، بل وتحدّ من تطلعاتهما وتقدّمهما وتجعل كلاهما تحت رهان صعب، لهذا يقعان فريسة لصور الازدواجية في الشخصية التي غالباً ما يفرضها المجتمع

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 737 - السبت 11 سبتمبر 2004م الموافق 26 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً