العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ

ما علاقة حقوق الإنسان بالبيئة؟

إن التطور الثقافي والحضاري والفكري ساهم بشكل كبير في تطوير منظومة حقوق الإنسان، فبعد ما كانت حقوق الإنسان تتمثل في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العام 1984، ظهرت الحاجة إلى إصدار اتفاقات دولية تعنى بحقوق الإنسان، وفي ضوء التطور التي أسس مبادئ حقوق الإنسان تم تقسيم تلك الحقوق إلى ثلاثة أجيال أو أصناف وهي:

1- الحقوق المدنية والسياسية (وتسمى أيضاً «الجيل الأول من الحقوق»)، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق الآتية: الحق في الحياة والحرية والأمن؛ وعدم التعرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛ المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين؛ وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع.

2- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وتسمى أيضاً «الجيل الثاني من الحقوق»)، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل: العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة؛ والمأكل والمأوى والرعاية الصحية.

3- الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (وتسمى أيضاً «الجيل الثالث من الحقوق»)، وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛ والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية.

والحقوق البيئية تعتبر من الجيل الثالث وهي حقوق فردية وجماعية ولم تكن فكرة إدراج البيئة ضمن حقوق الإنسان إلا بعد الاخطار التي تعرضت لها البشرية جراء الإهمال والتعدي على البيئة ما أثر بشكل كبير على حقوق الإنسان.

إن الملامح الأولى لولادة حقوق الإنسان البيئية بدأت تظهر بسبب دخان المصانع والنفايات والتلوث البيئي التي لم يستطيع الغرب التأقلم معها بصور صحية بل أدت في معظم المواقف إلى تهديد حياة الإنسان.

لم يذكر في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان أن البيئة حق من حقوق الإنسان، ولم تكن الصيغة الصريحة بان البيئة تمثل حقاً من حقوق الإنسان محطاً للقبول من قبل الغرب حتى وقت قريب. وبسبب سيطرة قوى الرأسمالية التي كانت جزءاً من معركة بين أنصار البيئة والمدافعين عن حقوق البيئة كحق من حقوق الإنسان وبين الشركات والمصانع العملاقة التي أعدت كل السبل بفتح جبهة جديدة على هذه المنظمات والأفراد لدرجة تصل إلى القتل والتعذيب سواء كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة.في النصف الثاني من القرن العشرين (1966 - 1971) أقامت منظمة اليونسكو بقرار من الجمعية العامة في 1966 مؤتمراً عالمياً موضوعه «الإنسان ومحيطه، الأسس من اجل حياة أفضل»، والذي عقد في استكهولم في العام 1972 والذي وضع نقطة الانطلاقة لفكرة ربط البيئة بقضايا حقوق الإنسان وقد قنن إعلان عالمي مكون من 26 مبدأ أقرته 123 دولة وقد جاء في نص هذا الإعلان أن للإنسان حق أساسي في ظروف الحياة المناسبة في بيئة نوعية تسمح له العيش بكرامة وسعادة وعليه مسئولية حماية الطبيعة للأجيال القادمة.

ويعتبر هذا الإعلان هو أول وثيقة دولية تقر بحق الفرد في البيئة المناسبة السليمة في المبدأ الأول، كذلك يؤكد دور الدولة في حفظ الطبيعة ويميز بين الموارد القابلة للتجديد وغير القابلة للتجديد والتي يجب التعامل معها بكل حذر حتى يخلق التوازن بين البلدان، كما أقرت الوثيقة بمبدأ التعويض لضحايا التلوث. بتاريخ 28/10/1982م تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار 37/7 الميثاق العالمي للطبيعة، إلا أنه لم يتخذ طابع الإلزام، وقد ذكر الميثاق أن كل شكل من أشكال الحياة هو شكل وحيد، وبالتالي يستحق الاحترام مهما كانت منفعته المباشرة للبشر، ويعترف لكل الكائنات الحية بحق البقاء كواجب أخلاقي. وفي مبادرة من نادي سييرا للدفاع القانوني بمساعدة من الهيئة الدولية لأصدقاء الأرض تم تقديم تقرير موقفي إلى اللجنة الفرعية التابعة للأمم المتحدة الخاصة بحظر التمييز وحماية الأقليات عن الحقوق البيئية. وقد حثوا اللجنة على عمل دراسة عن العلاقة بين حقوق الإنسان والمشكلات البيئية.

وفي أغسطس/ آب 1989 كلفت اللجنة احد أعضائها وهي المحامية الجزائرية زهرة القسنطيني بتحريات أولية تبين العلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة وقد قدمت تقريرها إلى اللجنة في العام 1990، وبعد ذلك قبلت اللجنة الفرعية التقرير الأولي ثم وافقت اللجنة على تقريرها الأولي على أن تقدم التقرير النهائي، وفعلاً لقد قدمت قسنطيني تقريرها النهائي وتوصيتها إلى اللجنة الدولية في أغسطس 1994. وبعد عقد من الزمن تبنت الجمعية العامة الميثاق العالمي للطبيعة المعروف بإعلان ريو عن البيئة والتنمية. وفي العام 1997 في الاجتماع الاستثنائي للجمعية العامة المعروف باجتماع ( ريو+5) ظهر للعيان مدى الصعوبة بالالتزام بالمواثيق المتعلقة بحق البيئة وذلك من قبل الشركات العملاقة

العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً