أشار مسئولون أميركيون إلى أن طلب وزير العدل الأميركي جون أشكروفت قد تدخل للحيلولة دون مواصلة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في اعتبار قضية التجسس الإسرائيلي في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) «قضية تجسس» حتى لا تؤثر سلبا على حملة انتخابات الرئيس جورج بوش للفوز بولاية ثانية، إذ يسعى الأخير إلى كسب أصوات الناخبين اليهود الأميركيين. كما أن وضع «إسرائيل» المتميز كحليف وثيق جداً للولايات المتحدة يشكل معضلة لمسئولي مكافحة التجسس الأميركيين.
وقال مسئول أميركي إن العلاقة بين الولايات المتحدة و«إسرائيل» - على الأقل في الدوائر الاستخبارية - ليست علاقة ثقة كاملة على الإطلاق.
وقالت مصادر أميركية مطلعة على سير التحقيقات إن رجال الـ «إف بي آي» حققوا في الأسابيع القليلة الماضية مع مسئولين أميركيين حاليين وسابقين فيما إذا كان لاري فرانكلين المتهم الرئيسي في القضية وزملاء له في قسم الشرق وجنوب آسيا بالبنتاغون ومكتب نائب الرئيس ديك تشيني قد مرروا إلى «إسرائيل» عبر منظمة اللوبي الإسرائيلي «إيباك» معلومات سرية عن خطط حكومة بوش ضد إيران، تتضمن دعم معارضين إيرانيين وإقامة أجهزة بث إذاعية في إيران وجهود أخرى لزعزعة نظام الحكم في طهران. وقد أورد رجال الـ «إف بي آي» في تحقيقاتهم اثنين من الدبلوماسيين الإسرائيليين يعملان في السفارة الإسرائيلية بواشنطن.
وتناولت التحقيقات عدداً واسعاً من جماعة المحافظين الجدد الموالين لـ «إسرائيل» من بينهم نائب وزير الدفاع بول وولفويتز ووكيل الوزارة للشئون السياسية دوغلاس فيث، والمسئول السابق في مكتب التقييمات النهائية بشأن العراق هارولد رود ومدير المكتب أندرو مارشال، وعضوا وحدة المخابرات الخاصة بربط العراق بالقاعدة، ديفيد وورمسر ومايكل معلوف، ونائب فيث لشئون الشرق الأوسط وجنوب آسيا ويليام لوتي، ومدير مكتب الخطط الخاصة المكلف بفبركة المعلومات الاستخبارية المضللة بشأن العراق، ابراهام شولسكي وزميله ضابط الارتباط مع جماعة أحمد الجلبي (المؤتمر الوطني العراقي) ويليام برونر، وعضو المكتب مايكل روبين. كما تناولت التحقيقات الرئيس السابق لمجلس سياسة الدفاع ريتشارد بيرل.
وذكرت تقارير عدة أن رجال «إف بي آي» الذين يحققون في هذه القضية منذ أكثر من عامين قد أبلغوا مسئولين كباراً في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض بهذا الشأن، من بينهم مستشارة بوش للأمن القومي كوندوليزا رايس ونائبها ستيفن هادلي.
وأعرب مسئول وثيق الصلة بفيث عن اعتقاده بأن التحقيق هو جهد يقوم به بعض مسئولي المخابرات الأميركية للتشكيك في سمعة وصدقية صقور البنتاغون.
ويذكر أن الغالبية العظمى ممن تناولهم التحقيق هم من اليهود الأميركيين الذين يحملون أيديولوجية تكتل الليكود الصهيوني المتطرف الذي يتزعمه شارون. كما أن المجموعة شكلت في البنتاغون ما يعرف بـ «السلسلة الاستخبارية» التي فبركت المعلومات المضللة كافة بشأن العراق لتبرير غزوه واحتلاله.
ويذكر أن رود يعمل حالياً مستشاراً لدى الجلبي بعد تركه البنتاغون في العام 2003، فيما عمل روبين مستشاراً لدى سلطة الاحتلال الأميركية المؤقتة، ويعمل حالياً باحثاً في معهد أميركان انتربرايز، الذي يعتبر معقل المحافظين الجدد، وسبق له العمل محاضراً في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة. كما كان لوتي عمل في هيئة موظفي تشيني والرئيس الجمهوري السابق لمجلس النواب الأميركي نيوت غينغريش، العضو في مجلس سياسة الدفاع (30 عضواً) الذي كان يترأسه بيرل الذي كان فيث عمل مساعداً له في البنتاغون في الثمانينات، إلى جانب شولسكي الذي كان مستشاراً لبيرل في الفترة ذاتها. فيما كان برونر عمل مستشاراً عسكرياً لغينغريش، أما وورمسر فيعمل حالياً نائب مساعد تشيني للأمن القومي لويس «سكوتر» ليبي.
وانتقد العضو الديمقراطي البارز في اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي جون كونيرز تعيين أشكروفت للمدّعي العام بول ماكنولتي بتولّي قضية التجسس الإسرائيلي. وقال في رسالةٍ بعث بها إلى أشكروفت إن التعيين له «تأثيرات سياسية واضحة» في سنة انتخابية، مشيراً إلى أن ماكنولتي «وضع كوابح على التحقيق»، موضحاً أن ماكنولتي ليس قاضي تحقيق مهني بل هو معين سياسياً، وكان يعمل لدى سياسيين جمهوريين
العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ