العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ

لماذا لا ينتقد شرودر سياسة روسيا في الشيشان؟

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

«أنا لا أنتمي إلى أولئك الأشخاص الذين يوجهون النصح في هذا الموقف المأسوي الذي ينبغي أن نعبر فيه عن تضامننا مع الشعب الروسي»، هذا ما قاله المستشار غيرهارد شرودر عقب نهاية اجتماع عقده مجلس الوزراء في قصر شاومبورغ قرب مدينة بون. ولا يمكن التفاوض مع إرهابيين يطلقون النار على ظهور الأطفال. ما ذكره شرودر بعد مأساة مدرسة بيسلان لا يختلف في المضمون عما ذكره عقب نهاية القمة الثلاثية (بوتين، شيراك وشرودر) الأخيرة في سوتشي/روسيا. في ذلك الوقت أيضاً رفض شرودر توجيه انتقادات لسياسة بوتين تجاه نزاع الشيشان. وفهم المراقبون العبارة التي صدرت عن شرودر«لم ألاحظ أن انتخابات الشيشان تعرضت إلى تلاعب»، عرضته إلى سيل من الانتقادات من داخل معسكر الائتلاف الحكومي في برلين وخصوصا المعنيين بالسياسة الخارجية، كما انتقدته وسائل الإعلام الألمانية. وقد فهم بوتين هذه العبارة بأنها دعم من شرودر لسياسته تجاه الشيشان، وأيضاً من وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر الذي تحفظ على انتقاد روسيا على رغم انتقاده سياستها تجاه الشيشان حين زار موسكو حديثاً.

موقف شرودر تجاه بوتين ليس جديدا. فلم يسبق أن انتقد شرودر بوتين. ولا يعود هذا لأن شرودر يخشاه، أو أنه يتجنب الدخول في نزاع معه بل هناك أسباب سياسية وسياسية/شخصية. ففي عامه السابع كمستشار يجد شرودر أنه قطع شوطاً بعيداً في تحسين العلاقات الألمانية الروسية. وهذا أبرز إنجاز حققه في حقل السياسة الخارجية على رغم أنه حين تسلم منصب المستشار لم يكن ملماً بالسياسة الخارجية. وليس بين قادة الاتحاد الأوروبي اليوم من يرتبط بعلاقة متينة مع بوتين مثلما الأمر بالنسبة إلى شرودر. وهو يرى أن توجيه انتقادات علناً لا يحقق المرجو. لكن ليس معنى ذلك أنه لا يجري الحديث وراء أبواب مغلقة بشأن ما يصح وما لا يصح. وقد تم إنشاء مؤسسات لرعاية الحوار الألماني الروسي الذي يجري في إطار المشاورات الألمانية الروسية، وفي إطار حوار بيترسبورغ وفي اللقاء الألماني الروسي الفرنسي.

ويعتبر شرودر روسيا بلداً مهماً للاقتصاد الألماني على رغم أنه يعير أهمية أكبر للاقتصاد الصيني. لكن روسيا بلد قريب لألمانيا ومؤهلة لتصبح قوة اقتصادية في المستقبل. وهو يعتبر نفسه وسيطاً بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وأن الشراكة بين الطرفين الأوروبي والروسي تسهم في إرساء السلام في أوروبا. ومن خلال الزيارات التي قام بها شرودر إلى روسيا وبلدان أوروبا الشرقية تبين له أنه لم ينجح فقط في تحقيق الصلح مع خصوم ألمانيا السابقين بل هناك رغبة كبيرة في التعاون مع ألمانيا. يضاف إلى ذلك أنه كلما طال عمر حكومة شرودر زادت علاقاته الشخصية مع زعماء العالم قوة، وتصبح العلاقات الشخصية فرصة لتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية. واستغل شرودر علاقاته الشخصية ليحسن علاقات بلاده مع بريطانيا كما عمق علاقاته مع فرنسا، على رغم وجود الخلاف بشأن حرب العراق.

واكتشف شرودر أهمية العلاقة الشخصية مع بوتين، أولاً لأن بوتين عاش سنوات في ألمانيا الشرقية حين كان عميلاً للاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) وهو مهتم كثيراً بتطوير علاقاته مع ألمانيا. وبوتين يتحدث الألمانية، كما زارت ابنتاه المدرسة الألمانية في موسكو. وحين يجلس شرودر وبوتين فإنهما لا يحتاجان إلى مترجم.

الناقدون يأخذون على شرودر أنه ينبغي وضع النقاط على الحروف، وأن يكون المستشار الألماني قوياً بما فيه الكفاية ليقول رأيه بصراحة من دون أن يتأثر هذا الرأي بعامل الصداقة الشخصية

العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً