هناك سؤال بالنسبة لي، وحساس بالنسبة للشباب وإدارات وأعضاء الجمعيات الشبابية، وهو: هل المجتمع البحريني بحاجة إلى وجود التنظيمات الشبابية في حد ذاتها وفق المعطيات الحالية؟

قبل الحديث عن الحاجة، يجب تشخيص أوضاع الشباب حالياً، فهم قبل أن يكونوا بحاجة إلى التنظيم، نجدهم أحوج إلى الرعاية والاهتمام من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية. لأن الإشكالية الحالية لا تتعلق بعلاقة الجمعيات مع الدولة، وإنما علاقة الجمعيات مع الشباب أنفسهم.

والواقع يكشف مدى اهتمام الجمعيات السياسية بقطاع وفئة الشباب، إذ تبذل الجمعيات بمختلف أطيافها جهوداً جبارة من أجل استقطاب الشباب وتسييسهم في اتجاهاتها المختلفة، ولا يتوقف الأمر على ذلك، بل هناك مجهودات رائعة في سبيل تدريبهم وإكسابهم المهارات اللازمة للعمل السياسي، والقدرة على المعارضة.

قد يكون الأمر جيداً في جزئيات منه، فهذا الاهتمام سيخلق جيلاً لديه ثقافة سياسية مشاركة تدفعه نحو ممارسة حقوقه الدستورية والسياسية في مجتمع لديه ديمقراطية ناشئة. ولكنه بالمقابل أمر غير مقبول في بلد تسعى لخلق الوحدة الوطنية وإنشاء توازن بين قواه ومؤسساته كافة في ظل الحرية المتاحة. فترك الحبل على الغارب كما يقال للجمعيات السياسية سينتج جيلاً مستنسخاً لآراء وأفكار قيادات الجمعيات، ويكفينا مثالاً ما شاهدناه في فعالية حوار المقاهي عندما نطلق الشباب بما تنطق به قيادات الجمعيات عينها.

وإذا كانت الإشكالية حالياً في جمعيات مشاركة في الانتخابات وأخرى مقاطعة، واستمر الحال كما هو عليه، فإننا سنجد بعد عشر سنوات شباباً يحملون أفكاراً مقاطعة لكل ما يصدر عن الحكومة، وأخرى مشاركة وقابلة بما يصدر عنها.

إن إغفال الدولة الاهتمام بفئة الشباب بحاجة إلى تدخل سريع، والإسراع في تنفيذ ما سيأتي في الاستراتيجية الوطنية للشباب من نتائج وتوصيات واسترشادات عامة. كما ان عدم دعم الجمعيات الشبابية في حد ذاته يعد دليلاً على عدم اهتمام الدولة بهذه الفئة، لأن الجمعيات الشبابية قادرة على تلمس احتياجات الشباب، والتواصل معهم بعيداً عن التسييس الذي تفرضه الجمعيات السياسية. وأعني بالدعم هنا توفير المقار، وتوفير الموازنات اللازمة المشروطة بالخطط الواضحة والوسائل المناسبة. وهذا ما يمكن اعتباره إجابة لمدى حاجة المجتمع البحريني للجمعيات الشبابية