يكاد أن يكون من المؤكد ألا يختلف شخصان على أن البن اليمني هو واحد من أجود أنواع البن في العالم إن لم يكن أفضلها وأنا شخصيا أفضله على الأنواع الأخرى التي يتم استيرادها من بلدان تشتهر بها في أميركا الشمالية والجنوبية إذ إن له مذاقاً خاصاً ونكهة تميزه عن غيره، وهذا ليس من باب الدعاية أو الترويج إلى البن اليمني، ولكن هذه حقيقة خصوصا إذا أضفنا إليها أنه يأتي من دولة تعتبر أصل للعرب والمسلمين ومن الأولى أن نعطي التجارة البينية بين الدول العربية الأفضلية على غيرها، ولكن ليس هو الوحيد الجيد الآتي من اليمن إذ إن اللحوم الطيبة والفواكه كذلك، وقد جربت كل ذلك أثناء زياراتي التي قمت بها إلى صنعاء في الأعوام السابقة، وفي عودتي أحمل معي ما استطيع من البن بل إنني استوردته في وقت من الأوقات! ومن لم يجرب القهوة أو العسل أو اللحم أو حتى الجح (البطيخ الأحمر) اليمني فعليه أن يبدأ فورا، لأن المثل القديم الحديث يقول «إسأل مجرب ولا تنس (تسأل) الطبيب». وإذا عرفنا أن اليمن يعتبر كذلك معبرا رئيسيا لإعادة تصدير القسم الأكبر من البن من إثيوبيا وجيوب في الصومال وجيبوتي بالإضافة إلى كينيا، فإن أهميتها تزداد خصوصا إذا أردنا أن نشجع التجارة البينية بين الدول العربية لمصلحة شعوبها. ولكي ندمج اليمن في منظمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية فعلينا أولا أن نقوي ونزيد من العلاقات التجارية والاقتصادية معها وهذا بيت القصيد خصوصا إذا علمنا أن معظم دول الخليج تستورد معظم احتياجاتها من المنتجات الغذائية واللحوم من الخارج.
الأرقام الرسمية تشير إلى أن تجارة اليمن غير النفطية مع المملكة (صادرات وواردات) لا تتعدى مليون دينار، في حين أن بلداناً كثيرة بعيدة عنا وتعتبر غير صديقة تنال أفضلية في معاملاتنا التجارية التي يبلغ حجمها مئات الملايين من الدولارات سنويا! وفي هذا إجحاف بحق الأخوة في اليمن الذين وقفوا ويقفون معنا بل ويحموننا ونراهم يوميا لأنهم يعيشون بيننا. قد نقول إن عدم وجود مواصلات مضمونة هو أحد العوائق الرئيسية أمام زيادة التجارة وهو بالفعل كذلك وعليه أن تسعى دول الخليج إلى إنشاء طرق مواصلات برية وبحرية وجوية مضمونة مع صنعاء لنتبادل الخير والمصلحة المشتركة وفي هذا فرصة ممتازة للمستثمرين في الجانبين لكي يبدأوا بإقامة مشروعات مشتركة بين البلدين ما سيسهل من عملية التبادل التجاري خصوصاً أن اليمنيين يعتبرون الأقرب إلى دول الخليج ثقافيا وتراثيا.
ويستطيع التجار في المملكة أن يعملوا كذلك على أن تكون البحرين نقطة انطلاق وبوابة لعبور المنتجات اليمنية على اختلاف أشكالها لبقية دول الخليج العربية وأعتقد أن البن هو أحد المنتجات المرغوبة في جميع هذه الدول وبذلك يشكل انطلاقة قوية لزيادة التجارة في جميع المجالات
العدد 730 - السبت 04 سبتمبر 2004م الموافق 19 رجب 1425هـ