العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ

تعليم السياسة... شئنا أم أبينا

لؤي عباس comments [at] alwasatnews.com

هل لنا أن نتجول في باقة من الحكم الصينية، اقرأوا معي: «حتى القيادات الحكيمة يجب أن تنتظر الظروف المناسبة، والظروف المناسبة لا يمكن أن توجد إلا في الزمن المناسب، ولا يمكن تحقيقها بالبحث عنها بالمعرفة».

«الحكماء يتركون الشارع ليجدوا الطريق، الحمقى يتشبثون بالشارع فيضيّعوا الطريق».

«أولئك الذين يصبحون قادة يجب أن يكونوا قادرين على كسب الناجحين، أولئك القادرون على النجاح في مقابل خصومهم يجب أن يكونوا أقوياء، أولئك الذين يستطيعون أن يكونوا أقوياء لابد أن تكون لديهم القدرة على استخدام قدرات الآخرين، ولتكون قادراً على استخدام قدرات الآخرين من الضروري أن تكسب قلوب الناس، ولكي تكون قادراً على كسب قلوب الناس من الضروري أن تكون مالكاً لنفسك».

«الحكماء لا يرون الجبال شاهقة والأنهار واسعة عندما يتعرضون للإحراج والإهانة في التعامل مع القادة السياسيين، ليس طمعاً في المال أو رغبةً في المناصب، بل لأنهم يريدون أن يخدموا مصالح العالم والتخلص مما هو مضر للناس».

«عندما يتأثر الناس بقادتهم فإنهم يتبعون ما يفعله القائد وليس ما يقوله».

«العقاب والجزاء ليسا كافيين لتغيير العادات، والإعدامات والمجازر لا تكفي لمنع التمرد، فقط التأثير الروحي ذو قيمة».

«... وعندما يكون في الحكومة مكرٌ فإن رعيتها تكون خادعة جداً، عندما يكون للحكومة الكثير من الرغبات والمصالح فإن رعيتها تتخذ احتياطات كثيرة للحفاظ على مواضعها، وعندما تكون الحكومة صعبة فإن رعيتها لن تكون مستقرة، وعندما تلحّ الحكومة في مطالبها فإن رعيتها ستصبح أكثر جدالاً، وإذا أنت لم تقوّم هذه الأمور من الجذور وشغلت نفسك بالفروع فإن ذلك مثل إثارة الغبار وأنت تحاول تنظيف غرفة، أو مثل حمل رزمة من العصي الجافة بينما تحاول إطفاء حريق».

«المتبصرون من الناس يستطيعون انتقاد الحكومة عندما يرون الخطأ لأنهم لا يأبهون بالانتقام».

هذه مقتطفات من حِكَم ومواعظ لحكماء الصين قيلت وكتبت قبل أكثر من ألفي عام، وهي موجودة الآن ومنتشرة باللغات كافة، ويقول السياسيون عنها إنها مازالت من أفضل ما قيل في التوجيهات السياسية، وإنها معلومات قيّمة في هذا الجانب. المفارقة العجيبة هي أن هذه العلوم السياسية مكتوبة قبل ألفي عام، ونحن في الألفية الثالثة وزمن الإنترنت مازلنا نخاف منها!

لقد اخترت هذا النزر اليسير من بين الآلاف من تلك الدروس العملية التي كلما قرأتها تذكرت تلك الأيام الصعبة، بل إنني كلما قرأت تلك الدروس تذكرت كيف أننا تعلمنا السياسة بالاعتقال والتعذيب والعقاب الجماعي والتقتيل، ولكن المهم في الأمر أننا تعلمنا شيئاً من السياسة شاء من شاء وأبى من أبى.

أعتقد أنه إذا تم تعليم أبنائنا السياسة في المدارس فإن ذلك سيوفر عليهم تعلمها بالطريقة الصعبة التي تعلمناها بها! وفي هذه الأيام ونحن نسمع بالجدل الدائر حول تعليم أبنائنا السياسة في المدارس، لماذا لا نؤكد لأبنائنا أن تلك الأيام الصعبة قد ولّت بلا رجعة، ونعلمهم السياسة بالطريقة الطبيعية، طريقة التفاهم والتعاون بين الشعوب والحكام، لكي نصنع منهم حكماء يخرجون أمتهم من خانة الضعفاء، وخصوصاً أن جيلهم أكثر جرأة وأنهم سيتعلمونها بطريقتنا أو بالطريقة التي يشاؤون، شئنا أم أبينا؟!

ولنتذكر: «إن أولئك الذين لا يجرأون على لمس النار حتى لو لم يحترقوا بها قط فإنهم يرون احتمال الاحتراق». في ضوء ذلك فإن حاد الملاحظة يمكنه أن يفهم ما لم يحدث بعد، وبمراقبة مقطع صغير بالإمكان معرفة الجسم بكامله

العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً