قال محللون عراقيون ان الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر نجح في تحويل أزمة النجف وأزمة تيار الصدر الى أزمة الصحن الحيدري الشريف، الأمر الذي ادى الى نتيجتين اولاهما احراج حكومة إياد علاوي التي سارعت الى تهدئة الموقف العسكري على الارض بسبب التداعيات المحتملة اذا هاجم الجيش العراقي المدعوم من القوات الاميركية مرقد الأمام علي، وثانيتهما: ان الصدر الشاب يكون كسب الحس الاسلامي المتنامي في الشارع العراقي وبالتالي صبغ معركته مع الحكومة بطابع عقائدي.
وفي الميدان، فان الصدر حقق قفزة معنوية في صفوف جيش المهدي التابع له بعدما رسخ في وسائل الاعلام عنواناً بارزاً وكبيراً هو أزمة الصحن الحيدري، كما ان المرجع الاعلى السيدعلي السيستاني الذي اختار الصمت الى حدٍ ما حيال ما يجري في المدينة المقدسة خلال الايام الماضية لم يجد ممثلوه مفراً من اطلاق التصريحات المنددة بتصعيد الموقف في منطقة الصحن الحيدري الشريف.
وقال أحد أبرز الشخصيات السياسية في تيار الصدر في بغداد، رائد الكاظمي في تقرير نشرته صحيفة «الدستور» الاردنية ان مؤامرة داخلية وراء الحرب الراهنة ضد التيار الصدري. واضاف ان قوى واحزاباً منها شيعية شاركت ودعمت هذه الحرب للقضاء تماماً على وجود التيار في الساحة. وأكد انه لا يمكن نزع أسلحة جيش المهدي ما لم يصار الى اعتماد هدنة تقبل بها الحكومة العراقية ثم تجرى مفاوضات لتسوية كل الأمور. وأشار الى ان التيار الصدرى لديه مخاوفه من ان يتم الاستفراد بجيش المهدي اذا وافق على نزع أسلحته من دون ضمانات. ورأى ان تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر هو تيار سياسي في المقام الأول وليس تياراً مسلحاً كما يشيع البعض. وتابع القول: «التيار يضم سياسيين وباحثين وعلماء واساتذة جامعات وهو يمارس السياسة المعادية للاحتلال».
وقال الكاظمي ان التيار الصدري قد يقبل بنزع أسلحة جيش المهدي من آر بي جي وهاونات وان يبقي على الاسلحة الشخصية. وزاد: «أكثر من ذلك، فان التيار مستعد للعودة الى المنازل اذا وافقت الحكومة على الهدنة والتفاوض».
وافاد ايضاً ان التيار الصدري تعاون مع حكومة علاوي في محاربة الجريمة المنظمة والجماعات الارهابية قبل اندلاع أزمة النجف الراهنة، لكن على رغم ذلك اختارت الحكومة التشدد في التعاطي مع مطالب التيار ورفضت اية مبادرات وطنية من التيار لصالح البلد، مؤكداً ان الامور رتبت على اساس افتعال حرب عسكرية لتدمير تيار مقتدى الصدر والقضاء على وجوده بالكامل.
وقال ان هناك قوى سياسية عراقية تشعر بالخوف على مصيرها السياسي اذا بقي التيار الصدري نشيطاً وفعالاً في الشارع العراقي والشارع الشيعي بوجه خاص.
اما مكتب وزير الدولة قاسم داوود فقد أكد ان موقف الحكومة ثابت بنزع جيش المهدي اسلحته، وان يتحول الى تنظيم سياسي يمارس العمل السياسي في العلن والا فان دعوة رئيس الوزراء اياد علاوي الاخيرة للصدر الشاب بتنفيذ شروط الحكومة ربما تنفد في مؤشر يظهر ان احتمال المعركة الحاسمة في النجف لايزال قائماً. وكشفت المعلومات من وزارة الدفاع العراقية ان تعزيزات عسكرية مستمرة بالتدفق على مدينة النجف معتبرة أن موقف الحكومة الرامي الى تجريد جيش المهدي من السلاح موقف لا رجعة فيه. وقال مكتب نائب رئيس الحكومة برهم صالح ان أزمة النجف ستتجدد في المستقبل المنظور ما لم يلقِ جيش المهدي السلاح. وبحسب شهود عيان قادمين من مدينة النجف، فان الخيار العسكري من قبل الحكومة وارد جداً وسط اتهامات لجيش المهدي باخفاء الكثير من السلاح، ووسط حال من الشكوك يطلقها المسئولون العراقيون حيال النوايا الحقيقية للزعيم مقتدى الصدر فيما اذا سيحل جيش المهدي ام لا.
ولم تستبعد بعض التقارير الحكومية ان يتجه الوضع الميداني مع التيار الصدري الى التصعيد، وان يقرر علاوي اعتبار التيار كله خارجاً على القانون ويبدأ بتطبيق بنود قانون السلامة الوطنية التي تتيح له اعتقال الاشخاص وفرض حال الطوارىء ومداهمة المباني. وقالت صحيفة «الدستور» على لسان مراسلها في واشنطن ان الحكومة العراقية المؤقتة فشلت في إرسال تعزيزات عسكرية وأمنية إلى النجف الأشرف لتنفيذ تهديداتها للحسم عسكريا مع جيش المهدي، ما أثر سلبا على موقف قوات الاحتلال حول النجف التي تخطط لتصفية عناصره داخل المدينة والمواقع الدينية الشيعية بمساعدة قوات الحكومة العراقية. وعزا مسئولون أميركيون الفشل إلى عمليات فرار واسعة للعراقيين العرب «شيعة وسنة» من قوات الحرس الوطني التي دعيت لشن الحرب على أنصار الصدر. ونقلت تقارير عن مسئولين أميركيين قولهم ان الاقتتال داخل الحكومة العراقية وعمليات الفرار من قوات الجيش والأمن أوقف الخطط الرامية إلى شن هجوم كاسح ضد الصدر. وقال مسئولون عسكريون أميركيون إن قوات البحرية سعت إلى القضاء على معاقل جيش المهدي، ولكنها تلقت أوامر من القيادة المركزية الأميركية بوقف ذلك خشية انهيار حكومة علاوي
العدد 719 - الثلثاء 24 أغسطس 2004م الموافق 08 رجب 1425هـ