الحملة التي تشنها حالياً مجموعة من أصحاب حملات الحج المخالفة تكشف الرغبة التي مازالت تتملك شرائح واسعة من المواطنين في تطويع الأنظمة والقوانين من أجل مصالحها الشخصية. فما معنى قيام مجموعة من أصحاب الحملات برفض قرارات المجلس الأعلى لشئون الحج في الوقت الذي يدعون فيه الالتزام بقراراته وأنظمته؟
إن المتابع لقضية أصحاب حملات الحج مع الإدارة التنفيذية لبعثة الحج سيكتشف وجود «لوبي» يضغط باتجاه حماية مصالحه دون الاعتراف بأكثر من عشر مخالفات وتجاوزات ارتكبت بحق 12 ألفاً من الحجاج البحرينيين.
معاناة كبيرة وتجاوزات كثيرة من الحجاج أدت إلى اتخاذ المجلس الأعلى قرارات صارمة بحق متجاوزي الأنظمة والقوانين بعد أن قامت لجنة التفتيش الإداري والصحي برفع تقريرها للمجلس الأعلى ليقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة في ضوء الصلاحيات المتاحة له طبقاً للمرسوم بقانون رقم (26) لعام 1976 والذي حدد بموجب بنوده الإجراءات الإدارية الواجب اتخاذها في حالات المخالفة والتجاوز من قبل حملات الحج.
وعلى رغم تجاوب السلطة التنفيذية مع تظلمات أصحاب الحملات إزاء القرارات التي اتخذت ضدهم، وإعفاء معظمهم من الغرامات، فإنه يبدو أن هناك شعوراً عاماً لدى أصحاب الحملات بوجود مخاطر تهدد مصالحهم الشخصية، الأمر الذي يستدعي إثارة الرأي العام إلى درجة التأليب من أجل التخلص من العوامل التي أحدثت ضرراً في حق حملاتهم.
وهنا نحتاج إلى وقفة، فالمطالب التي رفعها أصحاب الحملات المخالفة ضمن قالب دعائي صرف تدعو إلى تجاوز القانون، وتكشف عن ثقافة مزدوجة تجاه الالتزام بالقوانين والأنظمة. وبالتالي يجب التدخل لوقف مثل هذه الدعوات الداعية إلى نيل المكاسب الذاتية على حساب مصالح المجتمع العليا. وإذا كانت هذه الحملات تأسس بعضها في عهد أمن الدولة، فإن الوضع اليوم اختلف تماماً، وتغيّر المجتمع، وأصبح الناس في حاجة ماسة إلى ثقافة قانونية، وإلى ممارسات قانونية سليمة ومتوازنة تحافظ على سيادة القانون.
من هنا فإن حادثة حملات الحج المخالفة وعلاقتها بالمجلس الأعلى لشئون الحج، وبعثة الحج بحاجة إلى وقفات، فقد أشاحت للمجتمع جانباً مهماً، وهو بروز بعض القوى التقليدية والتي أصبحت تتحفظ بدرجة كبيرة على كل جديد، وما مسألة تطوير الإدارة التنفيذية لبعثة الحج، وتحديث القوانين والأنظمة للحملات والتي تأتي في أطرها العامة من الأنظمة والإجراءات التي تحدّدها السعودية إلا مثالاً واحداً على الدور الذي بدأت تلعبه القوى التقليدية في المجتمع البحريني.
ومثل هذه القوى بالطبع بحاجة إلى مواجهة صريحة، وإذا استدعى الأمر محاربتها فلايوجد مانع لذلك، خصوصاً أن هناك عدة قوى تناقض ذاتها، فنجدها في الغالب تنادي بتطبيق القانون وسيادته على الجميع، ولكنها في أحايين عدة تطالب بغير ذلك حماية لمصالحها الذاتية، وأوضاعها الآنية كما هو الحال بالنسبة لبعض الجمعيات السياسية في مواقف معينة
العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ