العدد 695 - السبت 31 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الآخرة 1425هـ

هل رفضت البحرين العولمة السياسية؟

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

حادث المعهد الوطني الديمقراطي للشئون الدولية والجدل الواسع الذي أثير أخيراً يطرح سؤالاً مهماً، وهو هل يرفض المجتمع البحريني العولمة السياسية؟

لقد قبلت حكومة البحرين العولمة الاقتصادية عندما وقعت على وثيقة تأسيس منظمة التجارة الدولية في مدينة مراكش المغربية في 15 أبريل/ نيسان 1994، ثم صدقت عليها في 12 يوليو/ تموز من العام نفسه. وها هي الآن تبحث إبرام اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة بعد أن دخلت معها في شراكة سياسية ودفاعية وأمنية منذ انتهاء حرب الخليج الثانية في 1991.

ومع التحولات الهائلة التي يشهدها النظام الدولي فإنها تدفع الأنظمة السياسية لاتباع نظام القوة القائدة لهذا النظام وهو النظام الديمقراطي الذي تتزعمه أيضاً واشنطن ببراعة، وتسعى إلى نشره في أرجاء العالم كافة. ومثل هذا النظام يمكن اعتباره نتاج العولمة السياسية التي نعيشها الآن بعد أن ظل دارسو العلوم السياسية يتخبطون في تحديد طبيعة العولمة السياسية التي يفترض أن تصاحب العولمة الاقتصادية. ولابد أيضاً من الإقرار بأن لكل عولمة قوى فاعلة مؤثرة ودافعة نحو زيادة تأثيرها وسيطرتها في مختلف المناطق والأنظمة.

وبالتطبيق على المجتمع البحريني سنجد أن الحكومة والنخب الاقتصادية والتجارية في البلاد تفاعلت مع دخول العولمة الاقتصادية إلى البلاد، وذلك بهدف حماية مصالحها، وتهيئة جميع الظروف لها للاستفادة بأقصى قدر ممكن مما تتيحه من فرص وإمكانات وفيرة، وفي الوقت نفسه التقليل من السلبيات والنتائج المغايرة حتى لا يتأثر الاقتصاد البحريني بها. وتم تشكيل اللجان مع الكثير من المؤسسات الاقتصادية في بلدان العالم، والمؤسسات الدولية. ودخلت المنافسة السوق البحريني منذ العام الماضي بتحرير سوق الاتصالات ومازالت.

بالمقارنة سنجد أن العولمة السياسية التي هي من نتاج الولايات المتحدة والغرب أيضاً دخلت البلاد وواكب المشروع الإصلاحي هذه الحال الفريدة التي يعيشها العالم اليوم. ولكن المجتمع البحريني وجميع القوى السياسية قبلت بالديمقراطية، والإصلاح السياسي، ورفضت في الوقت نفسه تدخل وتأثير أية قوة من القوى الدافعة للعولمة السياسية، مثل المؤسسات الدولية المعنية بنشر ثقافة حقوق الإنسان، وتدريب مؤسسات المجتمع المدني، والأفراد والنخب، على أسس العمل السياسي، وطرق المعارضة، وأساليب الضغط المختلفة من أجل حماية المصالح، وتحقيق الطموحات وتنفيذ البرامج.

هناك المئات من المؤسسات الدولية، الأميركية والبريطانية وغيرها المعنية بذلك، والمتخصصة في التدريب السياسي، وهي بطبيعة عملها يمكن اعتبارها من قوى العولمة السياسية، والتي لا تتحقق الأخيرة إلاّ بها. ويأتي المجتمع البحريني ليرفض عمل المعهد الأميركي ليكون بذلك قد أعلن موقفه من دخول قوى العولمة السياسية البلاد. وهذا يكشف التناقض الكبير الذي يعيشه المجتمع، ففي الوقت الذي تتعدد فيه الانتماءات والولاءات وامتداداتها إلى دول الجوار فإنه من المستغرب أن ترفض قوى المجتمع دخول أطراف جديدة تساهم في تطويرها وإعادة صوغ علاقاتها التنظيمية. وهذا كله يطرح سؤالاً عن إمكان تطور التجربة السياسية من دون الاستفادة من تجارب وإمكانات الآخرين

العدد 695 - السبت 31 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً