تستعر هذه الأيام نقاط السباق نحو الفوز بالرئاسة الأميركية للأعوام الأربعة المقبلة، وهذا ما يجعلنا ننشد كثيرا لتوقعات الساسة وضاربي الودع، والقائمين على مسوحات استطلاع الرأي العام التي سينشط سوقها على مدى الأشهر القليلة التي ستفصلنا عن نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وفي الوقت الذي يريد الناخب الأميركي أن يقول له أي من المرشحين ما الخطط التي سينتهجها في الضمان الاجتماعي، التعليم، تقليص الفقر، والاهتمام بالبيئة ربما، وأهم من ذلك خططه الضريبية، فإننا ننظر إلى الأمر من زاوية السياسات الخارجية الأميركية حيال الشرق الأوسط فقط. ولمن سيتابع الأمر عن كثب في الأيام المقبلة، سيكتشف أن كلا المرشحين سيقوم بزيارات مكثفة للأعراق والجاليات والألوان والديانات، وعند كل زيارة سيبدو أن المرشح الرئاسي لا هم له في الدنيا إلا العناية بهذه الفئة التي يزورها اليوم، وذلك لكسب أكبر قطعة من كعكة أصواتها، وهذا الأمر معلوم بالضرورة في كل سباق على الأصوات أينما كان. العرب في الخارج يأملون كثيرا أن يسهم عرب أميركا في الضغط على المرشحين بالنسبة إلى السياسة الخارجية، لتبدو أكثر توازنا مع العرب، ولكننا ننسى أحيانا أن العرب الأميركيين، هم أميركيون، أي أنهم في نهاية المطاف ستتغلب عليهم أمور الضرائب والضمان الاجتماعي وغيرها من أمور حياتية على أي من القضايا الخارجية الأخرى، وخصوصا أنهم تعلموا درس أن يصبحوا أميركيين بامتياز، وأن تكون أميركا أكبر همهم ومبلغ علمهم، حتى لا يتهموا من جديد بأنهم يعيشون في أميركا وقلوبهم لا تزال في أوطانهم الأم، بما يعني خلخلة الانتماء، وهذا ما حاول العرب والمسلمون الأميركيون أن ينفوه - وبشكل ساذج أحيانا ومبالغ فيه أحيانا أخرى - في السنوات الثلاث الماضية، وأن يثبتوا أنهم جزء أصيل من مجتمعهم الجديد، بما في ذلك تنازلاتهم المتلاحقة عما كانوا يعتبرونه في الماضي "ثوابت" لا حياد عنها
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 694 - الجمعة 30 يوليو 2004م الموافق 12 جمادى الآخرة 1425هـ