اشتدت الخلافات بين مختلف الأوساط السياسية العراقية على طريقة عقد المؤتمر الوطني لاختيار المجلس الاستشاري، وأعربت الكثير من الأحزاب والقوى والتيارات العراقية عن خيبة أملها جراء القرارات التي اتخذتها اللجنة التحضيرية المكلفة باختيار الأشخاص الذين سيشاركون في أعمال المؤتمر وعددهم 1000 شخصية، يقومون بانتخاب 100 شخصية هم عبارة عن مجلس استشاري يراقب أداء الحكومة ويبدي نصائحه لها، ومنهم 23 عضوا من مجلس الحكم المنحل.
فقد أعلن التيار الصدري مقاطعته للانتخابات التي جرت في غضون اليومين الأخيرين في النجف الأشرف وأريد منها اختيار 20 شخصية، وقال متحدث باسم اللجنة التحضيرية: إن العملية الانتخابية في النجف الأشرف تمت ولكنها شهدت مظاهر سلبية. وشارك فيها نحو 960 شخصا، اختير من بينهم 20 شخصا سيحضرون إلى المؤتمر.
وأبدى المتحدث باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق حسن عبطان امتعاضه من الطريقة التي اتبعت في عملية الاختيار، وقال: «إن هذه الانتخابات لا تلبي طموح العراقيين».
وتزداد حملة الاعتراضات والنقد والمقاطعة يوما بعد يوم، إذ التحق المزيد من ممثلي القوى والتيارات السياسية بمعسكر المعارضين، فقد انسحب من عضوية اللجنة التحضيرية زهاء عشرين شخصا من أصل خمسة وستين، في حين يفكر البعض الآخر بالانسحاب ما لم تُجرَ عملية تصحيح لآلية عقد المؤتمر. بينما أعلنت قوى وأحزاب وتيارات مختلفة عدم اعترافها بالمؤتمر منذ فترة سابقة، لأنه - بحسب تعبيرها - يفتقد للشرعية بسبب وجود الاحتلال. ومن بين هذه الجماعات «مؤسسة الإمام الخالصي» و«هيئة علماء المسلمين» (مرجعية سنية عربية) و«الحركة الإسلامية الكردية» (مرجعية سنية كردية)، وتمثل هذه المرجعية أكبر تيار سياسي في كردستان العراق، والتيارات القومية كـ «حركة القوميين العرب» و«الناصريين» وتيارات بعثية مختلفة وتيارات ليبرالية مختلفة، إضافة إلى أفراد يساريين من شيوعيين وديمقراطيين ومستقلين وبعض العشائر العراقية في الجنوب والعشائر العربية في الغرب المعروف بـ «المثلث السني»، وآخرين.
ويتندر العراقيون حاليا على هذا المؤتمر بأنه «عرس واوية» بحسب المثل الشعبي العراقي، أي اتفاق لتوزيع الغنائم، لذلك فإن المشهد السياسي العراقي سيشهد الكثير من الاختلاف والصراع في غضون الفترة المقبلة، وربما يكون المؤتمر خطوة سلبية في هذا الاتجاه.
مختطَفون سابقون يصفون تصرفات العصابات
جرت العادة أن يُترك المختطَف بعض الوقت لاستعادة صحته واستقراره بعد أن يطلق سراحه، ثم تتصل به الجهات الرسمية في مكان وجوده، إذا كان ذلك داخل العراق أو حين يصل إلى بلده، ويطلب منه أن يقدم معلومات كاملة عن فترة اختطافه منذ البداية حتى النهاية.
ونقل أحد المطلعين على سير التحقيقات مع بعض المحررين، أن طريقة التعامل مع المختطف تختلف من جماعة إلى أخرى، فبعض الجماعات التي تتشدد ضد حامل الهوية الغربية، تخفف من تشددها ضد المختطفين من البلدان العربية أو بلدان العالم الثالث، وهناك من يميز أيضا بين الأجنبي (الآسيوي) والعربي، ولكن بعض أفراد العصابات المسلحة ربما يزداد عنفا ضد المواطنين العرب الذين يتم اختطافهم أثناء عملهم مع القوات الأجنبية الموجودة في العراق.
وتشير بعض التحقيقات إلى أن الجماعات المسلحة ربما تبدي بعض المرونة في تعاملها مع المسيحيين وتتشدد مع المسلمين الذين يتم اختطافهم، وهذه القضية قد تفسر مستوى تحميل المسئولية للأفراد المختطفين على أساس انتماءاتهم الدينية، فالمسلم ربما يتعرض للضرب والإهانة وقد يصل إلى مرحلة التعذيب، لأنه بحسب مفهوم هذه الجماعات خان دينه.
وينقل بعض المختطفين الذين أطلق سراحهم أنهم كانوا لا يعرفون مكان اعتقالهم، فقد وضعوا في غرف ليس فيها أي منفذ يستطيعون تسلقه لرؤية المنطقة. ولكنهم كانوا يسمعون صياح الديكة في الصباح والذي يتسلل إلى غرفهم من خلال فتحات صغيرة في أبواب هذه الغرفة أو عبر «مزاريب» السطح.
وكانوا في بعض الأحيان يستمعون إلى أحاديث أفراد العصابة في الغرف الجانبية، ومثل هذه الأحاديث ربما تنفع لمعرفة مصير المختطف قبل أن يطلع نور الصباح الثاني.
ويورد البعض تعليقات أفراد العصابات بشأن أوضاع الشارع العراقي والحكومة والتفجيرات، ويبدو أن الجماعات المسلحة مطلعة على تفاصيل دقيقة. أحدهم كان يعلق على تصريح وزير الدفاع العراقي الذي قال فيه إنه سيقطع رأس كل واحد من هؤلاء المجرمين، فقال: «لو كان باستطاعتك ذلك لما اختفيت وراء الأميركان». وقال أحد أفراد العصابة، معلقا على خبر إنهاء بعض النساء دورة تدريبية للشرطة في الأردن وعودتهن إلى العراق: «أتمنى أن أقتل برصاص أجملهن وليس برصاص جندي أميركي»
العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ