العدد 690 - الإثنين 26 يوليو 2004م الموافق 08 جمادى الآخرة 1425هـ

سفيرة فرنسا... سفيرة الثقافة

مي آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

حين بحثت عن الحلاج وجدته عند الكاتب الفرنسي مانسينيون الذي جاء إلى الشرق بحثا عن صاحب العبارة المشهورة «أنا الحق».

وحين كتبت عن عبدالله بن أحمد (الحاكم الثالث من آل خليفة المتوفى في العام 1848م) اكتشفت رسمه (قبل اختراع التصوير) عند الكابتن بييج قبطان أول سفينة فرنسية زارت البحرين العام 1842، وكان ذلك أول اتصال دبلوماسي بين هذه الجزيرة وبين فرنسا.

ويوم هدد خطر الردم الساحل البحري المواجه لقلعة البحرين تصدت عالمة الآثار الفرنسية مونيك كرفران لحماية الموقع وجندت 16 مؤسسة عالمية للدفاع عنه وأعلنت بكل حماس وأمانة أنها مستعدة لدفع حياتها ثمنا وقربانا لحماية أهم موقع أثري في الخليج!

وعند محاولة تسجيل موقع قلعة البحرين ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي في اليونسكو تم اختيار رئيس البعثة الفرنسية بيير لمبارد ليكون المسئول الرسمي عن إعداد التقرير المطلوب من قبل تلك المؤسسة العالمية.

وحين جمع الباحث الفرنسي كزفييه بلكوك كل ما كتب عن البحرين في الأدب الفرنسي على مدى أربعة قرون، كتب مقدمة ذلك الكتاب (المأمول طبعه) رئيس جمهورية الثقافة جاك شيراك الذي يدرك ما يمثله حضور البحرين في المخيلة الفرنسية عبر الزمن، وهو (أي شيراك) من انتدب مونيك للتنقيب عن آثار البحرين العام 1977م، وهو أيضا من أدرج موضوع موقع قلعة البحرين في جدول المناقشة عند زيارة رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان لفرنسا.

من هذه الثقافة، ومن هذا البلد جاءت السفيرة الفرنسية أنيتا ليميدو إلى البحرين محملة بأجندة عمل لتعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وأهمها الجانب الثقافي الذي يدرك كل إنسان متحضر أهميته الطاغية على الجانبين السياسي والاقتصادي.

وكان من الممتع والمفيد التعاون معها في الأنشطة الثقافية من الجانبين الرسمي والأهلي، وعملنا معا لتنظيم محاضرات ومعارض في متحف البحرين الوطني، وفي المجال الخاص تم تنظيم ورش كتابة وترجمة وقراءات شعرية في بيت الصحافة وفي مركز الشيخ إبراهيم.

وإلى السفيرة العزيزة يعود الفضل في اكتشاف حادث مهم كان من المفترض أن يكون حدثا عالميا يسلط الضوء على هذه البقعة في هذا العام بالذات!

ففي أول مقابلة رسمية معها (قبل عامين) كان أهم الموضوعات المطروحة للنقاش موضوع احتفالية اليوبيل الذهبي لاكتشاف حضارة دلمون. هنا لابد أن أذكر أن ذلك اللقاء كان أول إشارة إلى حدث مهم لم يكن على أجندة العمل من قبل!

اليوم، ونحن نودع هذه السيدة التي ستغادرنا إلى مهمة أخرى في بلد بعيد، نحتفظ بذكرى تعاون ثقافي يبقى حضوره متقدا ومجالاته بلا حدود، ونودع معها حلما لم يكتمل لمؤتمر آثار كان التنسيق والاعداد له مهمة الجانب الفرنسي!

ومع ذلك يبقى للثقافة حلم آخر وجنود مخلصون يعمل كل منهم باسم حقوق الروح والفكر، فقط كما علمنا «أركون» القادم بدوره من ثقافة فرنسية تعترف بتلك الحقوق

العدد 690 - الإثنين 26 يوليو 2004م الموافق 08 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً